الخميس، 30 أغسطس 2018

خواطر ثقافية | (4)


(8)
صديقي المثقف:
لم يهتد العلماء -من بني الإنسان😁: حتى لا يشطح بك الخيال!- (على اختلاف مجالات علمهم) بعد؛ إلى تفكيك كل أسرار الكون وحل ألغازه وإحكام المعرفة بقوانينه؛ وقطعا لن تستطيع ذلك أنت!
أنا وأنت وغيرنا لم نزل نعايش أشياء عجيبة في حياتنا دون أن نستطيع تفسيرها بمنطق مستقيم في عقول البشر..
حدث ذلك مثلا حين فكرت أنت مرة في شخص ما فإذا هو ماثل بين عينيك، أو ربما اتصل بك، أو دار اسمه مرات في حديث بينك وبعض أصحابك؛ حتى لكأنه هو أو من معك قد نفذوا إلى خواطرك.
وحدث ذلك معي حين تمنيت مرة أن يكون غدائي وجبة أحبها، وعضضت على شفتي ندما على أني غفلت تذكير أهل البيت بهذا فتكون جاهزة وقت الغداء، ولكنني حين رجعت وجدتها على النحو الذي تخيلتها به، كأنما انتقلت الصورة من خيالي إلى يد ربة البيت دون تفصيل ناقص!..
وحدث ذلك مرارا عند شخص ثالث فعل المستحيل من أجل تشغيل سيارته أو حاسوبه أو غيرها من الأجهزة، ثم جاء شخص آخر فعل ذلك ببساطة متناهية دون أن يبذل شيئًا مما بذل الأول، فكان تعليق أحدنا عليه: غريب!
وحدث ذلك حين وجد شخص رابع أثرا في جسمه لما كان رؤيا في منامه، بل ربما كانت بعض الآثار في جسم شخص آخر له علاقة بالرؤيا ولكنه هو نفسه لم ير شيئا في المنام!
هذه أشياء لا يستهجن الناس (على اختلاف مستوياتهم الفكرية) من تداولها في مجالسهم، وأحسب أن (الكرامات) شيئا منها، لا يشك في هذا عاقل، ولا ينكره..
وإن اختلفنا في التسمية، فليس هذا بشيء ذي بال، فكم من مسميات اتفق الناس عليها واختلفوا في أسمائها..
أما إن أبيت إلا رأيك في إنكار وجودها، فما باليد حيلة لإقناعك بها، وما في البال رغبة في ذلك أصلا، فليست هي مما ينبغي أن يعلم من الدين بالضرورة..
دع مسمى (الكرامات) لمن يؤمن بها، وفسر لنا -حفظك الله- غيرها مما يشابهها!

(9)
يبلغ الحمق ببعض الناس أن يتبنى –في لحظة ما- ما ينكره ويخالفه، ليس بسبب من علم أو بحث؛ بل نكاية –أو هكذا يحسب- بعدو لا يحب أن يوافقه على رأي!

(10)
أظن –والله أعلم- أن (النوايا السيئة) ليست هي وحدها ما يحمل بعض الناس على انتحال ما لم يكتبوه، وادعاء ما لم يفعلوه؛ ولكنه الجهل –أحيانا-، والغفلة أو الكسل.. وضروراتٌ في وقتها، يحسبون أن خير ما يعالجونها به هو هذا الفعل الشائن المَقيت.

(11)
أحيانا،
وليس دائما؛
يمكنك تمييز (المثقف الحقيقي) عن غيره من الأشباه، بـ(نقاش موضوعي) تلزمه فيه بما ينادي به من مصطلحات وأساليب تفكير؛ فإن التزم بشعاراته كان أصيلا في الثقافة جديرا بالإجلال والتقدير، تعلم أن لدى هذا الإنسان ما يقوله من علم ومعرفة.
وأما إن سكت وفر غيرَ مُسَلِّمٍ بما تلزمه به شعاراته الرنانة، أو انقلب على عقبيه بأثر من عصبية أو هوى أو غباء، مراوغا مبتعدا عن جوهر موضوع النقاش؛ فاعلم أنه نسخة مزورة، له قيمة مؤقتة على غفلة من الأعين الفاحصة، ثم لا تلبث (حين التمحيص) أن تمحي وتذهب أدراج الرياح. لقد كان المسكين يُنَفِّسُ عن عقده النفسية وعلاته الاجتماعية فحسب، وكان خليقا بالعقلاء أن يتبينوا هذا منذ الوهلة الأولى!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق