الأحد، 25 مارس 2018

حَسَنِيَّاتٌ متشاعرة | (1) | فدعك من قال وقيل..


قبل مدة من الزمن؛ حمل إلي الواتساب رسالة فيديو لشخص مصري ظريف. كان يحكي عن العلاقة التي ينبغي أن تكون بين كل سمين وكرشه. والحق أنه نفذ مرئيته تلك باقتدار عال، فقد جعلني أعيد مشاهدته مرات ومرات، وفي كل مرة كان كلامه يستفزني للضحك بصوت عال، لأسلوبه وجدة الفكرة التي يتناولها، وقد ذكر من محاسن الكرش فيها ما يعرفه البدناء والنحفاء على حد سواء. كان صديقنا ينتقد حملات التخسيس ويرى فيها نكرانا لجميل الكرش، وكان يدعو كل بدين إلى أن يحاور كرشه وأن يسميها باسم، وأن يتعامل معها كما يتعامل صديق مع صديقه!
ثم مرت الأيام، وكان الواتساب وغيره من تطبيقات التواصل الاجتماعي الحديثة لا تكل ولا تمل تحمل في جعبتها الجديد من الطرائف واللطائف حول هذا الأمر، حتى كانت أيام قريبة رأيت فيها منشورا للدكتور/ محمد المحروقي يعرض فيه صورة لمطعم في الخوض جعل له أصحابه اسما مميزا غير معتاد (دلع كرشك).
وقد كنت قبل هذا بأيام، قد أنشأت أبياتا من الرجز، ردا مشاغبا على أخي الحبيب أبي حمزة، المغترب في كندا لأجل الدراسة. أرسل مرئية له وهو يتمرن في إحدى صالات الرياضة هناك، وأسفل منها بيتين من الرجز، يحثنا فيهما على ممارسة رياضة المشي والجري، يقول فيهما:
واحرص أخي أن تمشين وتركضا
ذا همة لاتكسلن فتمرضا
أقله في اليوم ميلا واحدا
ولا تكن لفضل ذاك جاحدا

فكان أن كتبت وأنا أتناول الإفطار هذه الأبيات ثم أصلحتها وأضفت إليها لاحقا ما يجعلها -كما أرجو- جديرة بالعرض عليكم هنا. وقد استحضرت مرئية صديقنا المصري وأفكاره، فقلت:
لكنها الكرش أيا أُخيّا
تُفَتِّر الهمة شيئا شيا
فكلما قلتُ لها هلمي
لِمِشْيةٍ يَخِفُّ منها شحمي
قالت تهون عشرة الليالي
عليك حتى لم تعد تبالي
أهكذا يخون خِلٌّ خِلَّه
ويُنْكِرَنْ إحسانه وفضله
كنت نحيفا بارز العظام
تخفى و لا تُعْرف في الزحام
والآن لا يُخطيك حتما بصر
فليس تخفى الشمس، لا، والقمر
بي وسَّع القوم لك المجالسا
ولم أزل، فيك ومنك، حارسا
وسادةً كنتُ، وكنتُ الطاولة
ولم أكن -في كل حالي- عاطلة
فدعك من قالٍ وقيلٍ واحفظن
حقي بأكل أو بنوم مطمئن
والزم مكانا تحت ذا المكيف
كم أُتِي الناس من التخوف
من مرض تنأى به الجسومُ
أو عُمُرٍ عِداته الشحومُ
لا.. لست أقوى أن أراك تمشي
أو تُتْبعُ المران ركض الوحش
وإن أبيتَ فالوداع حانا
لقد رأيت الدهر ذا خَوَّانا

😅


الأربعاء، 21 مارس 2018

مسندم .. إلى أين؟!




تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي عندنا في عمان، قبل أيام، إعلانا لشركة (الفطيم) الإماراتية، المشغلة لمشروع (مول عمان)، استخدمت فيه خريطة للسلطنة تختفي منها محافظة مسندم بالكامل، وتظهر ضمن خارطة دولة الإمارات العربية المتحدة!
يأتي هذا الخطأ الفادح، بعد خطأ آخر مصدره دولة الإمارات أيضا، حيث عُرِضت في متحف اللوفر أبو ظبي خريطة للسلطنة بالصورة ذاتها.
واليوم؛ طالعت إعلانا لشركة في الإمارات تدعى (شامبيون كلينرز) وفيه تظهر خريطة السلطنة –مرة أخرى- بالكيفية المشار إليها أعلاه.
طالعته أولا عبر صفحة الإعلامي في إذاعة الوصال، الأستاذ عادل الكاسبي، الذي ذكر في رده على أحد المعلقين بأنه نقل الإعلان -كما هو- من صفحة الشركة على (إنستاجرام). وقد تأكد لي هذا حين زرت صفحة الشركة على (فيس بوك)، فوجدت الإعلان ذاته، منشورا بتاريخ 15 مارس 2018م.
يظهر في هذا الإعلان الأخير أثر متعمد من الأحداث السياسية الحالية، كما ظهر من قبل عند خارطة متحف اللوفر؛ فبجانب ضم (مسندم) إلى الإمارات، تختفي (قطر) أيضا ويختفي علمها، رغم أن الإعلان ينص على أن الخدمة متوفرة في جميع دول الخليج! وفي هذه الجزئية تحديدا؛ فإن إعلان الشركة يتبنى أحد أمرين: إما أن دولة (قطر) ليست ضمن دول الخليج، أو أنها لم تعد (دولة) بل صارت ضمن إحدى الدول المذكورة!!
الاحتمال الثاني يتفق مع تسريب جاء به حساب (بدون ظل) في تويتر، يُعَرِّفُ نفسه على أنه ضابط أمن إماراتي، وقد اكتسبت تسريباته مصداقية –إلى حد كبير- فقد تأكد على أرض الواقع بعض ما سربه حول خطط تدور في الغرف المغلقة.
وفحوى ما ذكره في هذا الجانب؛ أن ثمة اتفاقا لم يعلن عنه بين الإمارات والسعودية، يقضي باستيلاء الأولى على عمان وقطر، فيما يكون نصيب الثانية الكويت والبحرين، ثم يُصار بعد هذا إلى إلغاء منظومة دول مجلس التعاون..
لا يمكن القطع –بالطبع- بصحة هذا الخبر؛ ولكن الحذر واجب، لا سيما إذا أيدته قرائن كثيرة، تظهر كالشمس في رائعة النهار، والشمس –كما يقال- لا تغطى بغربال!
وعودا على بدء؛ فإنني لست متأكدا إن كان المسؤولون في الجهات المذكورة سلفا، قد اعتذروا عن هذه الأخطاء الفادحة، ولا يهمني هذا الآن –كثيرا-؛ بل المهم أن يكون للجهات الحكومية في السلطنة موقف واضح حازم مع هذه الجهات –لا سيما وأنها تعمل في السوق العمانية-، ومع القيادات في دولة الإمارات الشقيقة، فهذا الخطأ الذي يتكرر بالتفاصيل نفسها تماما مدعاة للريبة حقا، وليس تكفي –فيما أحسب- الاعتذارات اللاحقة، فاللبن المسكوب لا يمكن إرجاعه إلى الجرة، والمعرفة لا تستقى اليوم من مصادرها الأصيلة بل من صاحب الصوت الأقوى..
يضاف إلى هذه الإعلانات مقطع الفيديو المجتزأ من فيلم وثائقي عن الشيخ زايد الأول، والذي كان مثار جدل في أوساط المدونين العمانيين؛ حيث الأخطاء التاريخية، وتصوير بعض رموز التاريخ العماني على أنهم في مقام التابع لشيوخ الساحل، وهو ما لم يكن، وأحسب أنه لن يكون في المستقبل ما عرف العمانيون تاريخهم وفهموا مقتضياته وواصلوا مسيرته المشرقة.
هذه المنشورات والمصورات، التي تساق –في الظاهر- لأغراض تجارية أو سياحية أو ثقافية، ويبدو أن لها أهدافا خفية في الباطن؛ تأتي في وقت تحاصر فيه (قطر) وهي دولة جارة عضو في مجلس التعاون الخليجي، وتُخْنق فيه اليمن وهي دولة جارة عربية مسلمة، وتنتشر فيه أخبار من هنا وهناك –الله أعلم بصحتها- عن تدخلات في شؤون دول إقليمية كبرى عربية ومسلمة وغيرها؛ الأمر الذي يفرض على صناع القرار السياسي والأمني والثقافي والإعلامي في السلطنة أن يأخذوا أقصى درجات الحيطة والحذر والانتباه. ومن ذلك (مثلا) أن يعاد النظر في مفاهيم الجيرة الحسنة التي اقتضت –ربما- التغاضي والتساهل في بعض الأمور، وأن يُدْفَعَ باتجاه حديث علني حول هذا الأمر وغيره مما يرتبط به، يشارك فيه العمانيون جميعا بمختلف أطيافهم، لا أن يقتصر على الجهات المسؤولة فقط، مع كونها محل ثقة واجبة التقدير؛ فحين يجد الجد سيطلب من كل فرد عماني أن يتقدم للدفاع عن مصالح الوطن، وتلك ساعة يحسب العقلاء لها ألف حساب، والله المستعان!

الأحد، 18 مارس 2018

فبرايريات | 2018م


28 فبراير
يُحال -أحيانا-
بين المرء، و(نية حسنة) تكسبه الأجر؛
بحذر في غير محله، ولؤم في طبعه أو أصله، وتهافت في عمله، وقصور في أمله، وأن تفتح له أبواب الخير على حين غفلته وجهله.

19 فبراير
يشعر بالملل؛
من لا يكون لديه تطلع مستقبلي مشروع ولا خطة واضحة محددة، لذاته والمحيط من حوله/ من لا يتيح لنفسه الاستمتاع باللحظة التي يعيشها لأنه يتعجل لحظة أخرى، أو يعيش على قلق من لحظة قادمة/ من لم يخالط إيمانٌ بالله أو بمبدأٍ أو قيمةٍ قلبه أو ضميره،فيناضل من أجل إيمانه..
الملل سيف مسلط على من لا يجتهد في تجديد المعتاد، أو النظر إليه بعين جديدة، وعلى من لا يسأل نفسه (في مختلف المواقف) سؤالا من مثل: ماذا بعد؟

18 فبراير
يدخل المعلم على طلابه، وهو يحمل معه، قصد أو لم يقصد، شيئا لا علاقة له (في الأصل) بالعلم والمعرفة التي جاء لتقديمها.. عادة ملازمة تثير الانتباه، أو حركة معينة بطرف من جسمه، أو طريقه لباسه ونوعيته، أو أسلوبه في الكلام، وغيرها كثير..
المتعلمون، بدورهم –بوعي أو بدونه، وعلى تباين فيما بينهم- يلاحظون هذا جيدا ويتأثرون به قليلا أو كثيرا، وربما إذا سألت أحدا ممن حولك عن عادة، حسنة أو سيئة أو محايدة؛ أجاب بأنها أثر من معلم في مرحلة ما من مراحل تعلمه..
على المعلم إذن -والحال هذه- أن يتخير رسائله الصامتة بمسؤولية عالية وبصيرة نافذة، فربما ينشئ من محاسن الصفات وحميد السلوك ما لم تنشئه كلماته المسموعة أو المكتوبة، وعلى المجتمع –في المقابل- أن يعيد نظرته إلى المعلم، بما ينعكس إيجابا على التعامل معه، كما يليق بشخص خطير له الأثر العظيم في صناعة أجيال المستقبل.. لا، بل صناعة التغيير!

13 فبراير
الحياة
بلا تغيير في رتابتها،
ولا صوت مختلف في صمتها،
ولا حركة في سكونها؛
جدار مصمت.
إن التغيير والصوت والحركة هي ثقوب التهوية وكوى النور في ذلك الجدار، فاعمل على أن تكون لديك دائما الأدوات التي تخلق بها هذه المنافذ الحيوية.

12 فبراير
وسائل الاتصال الحديثة (بما تتيحه من تلقي وإرسال المعلومات والأخبار بسهولة ويسر) تحاربك/ تغريك بأن تقول شيئا في كل شيء، وليس يُنجيك إلا أن تتخير قضاياك/ معاركك الحقيقية، فتخوض فيها هي وحدها فقط..
أما ما لا يقدم خوضك فيه و لا يؤخر، و ما يشكل عليك أوله كما قد يشكل عليك آخره، وما يتشابه عليك خيره وشره؛ فأكثر الظن أن في الصمت عنه سعة وفي الجهل به سعة..
وما ضاق أمر في سعتين، تماما كما لا يغلب عسر يسرين!

10 فبراير
يشكرك حقا؛
من يخرج كلمات الشكر من قلبه، يأتي بها بوجه مشرق، صافية من التكلف، بريئة من النفاق، غير مقتضبة ولا مؤخرة عن سياقها الذي تقتضيه..

9 فبراير
ينطفئ وجه النشيد إذا أوغلت كلماته في رمزية مغلقة،
ولم ينفق عليه الملحن غير جملة لحنية واحدة.
- مرحى للأناشيد المضيئة..

4 فبراير
لأن الشاعر يبصر ما لا يبصره غيره؛
فإن الشعر يعيد تشكيل العلاقات بين الأشياء والأشخاص على نحو غير متوقع -وربما غير معقول- في منطق الحياة الواقعية.
للشعر منطقه الذي لا يأخذ من منطق الواقع إلا المسميات، وربما يتجاوزها أحيانا، أما في التفاصيل فله نظامه البنائي الخاص الذي ينفذ إلى ما وراء الظواهر..
هنالك يبصر الشاعر من نظم الحياة وأسرارها ما طمرته رمال الواقع، وكلما أرجع البصر وأوقد البصيرة ظهر له في كل مرة ما لم يظهر له في مرة سابقة!