الاثنين، 29 ديسمبر 2014

مظاهر التاجر وشركاؤه ع.م.ا.ن

تابعت كما تابع الكثيرون تغريدات المدعو (مظاهر التاجر) على تويتر. قدم الرجل نفسه على أنه صاحب الشركة المعروفة (التاجر للسيراميك)، وأنه تعرض لظلم على يد بعض أعضاء الادعاء العام، حيث جعل في موقع الظالم فيما هو – فضلا عن كونه براء من هذا – مظلوم ويريد النصرة من ذوي السلطة القضائية والجهات ذات العلاقة.

ولأنه كذلك، فقد نشر تغريداته موجهة في شكل بلاغ إلى معالي الفريق أول سلطان بن محمد النعماني وزير المكتب السلطاني، ساردا تفاصيل كثيرة – لا موجب لذكرها هنا – ملخصها أن ثلاثة من القائمين على سلطات الادعاء العام والمحكمة العليا والأمن الداخلي خذلوه حين طلب نصرتهم بعدما وعدوه، وأنه تعرض للابتزاز من قبلهم بطلب الهدايا تارة والتخفيضات الهائلة على بعض ما اشتروه من عنده تارة أخرى، وعدم الوفاء بما عليهم من ديون تجاهه تارة ثالثة، إلى آخر ما ذكره ..

وسواء أكان ما كتبه صحيحا أم خطأ، وبحق أم بباطل؛ فإن لتغريداته دلالات كثيرة، من المهم التذكير بها إخلاصا لهذا الوطن العزيز عمان، وهي فيما تبدو لي الآتي:

(1) تدار قضايا عامة وفقا لحسابات شخصية ضيقة، فيقع من الظلم ما يعود سلبا على سمعة الدولة وأجهزتها الخدمية.

(2) بوعي أو بدونه؛ تتضخم قناعة لدى بعض مسؤولينا الكبار أنهم ذوات مقدسة لاتخطئ ولاينبغي لها وإذا ذُكّروا أنكروا.

(3) النزاهة ليست امتيازا وظيفيا بل هي امتياز أخلاقي. وإذا صحت الأدلة على عدم نزاهة قاضٍ ما فمن النزاهة وصفه بذاك.

(4) لا يكتفي بعض مسؤولينا الكبار بما يؤدى إليهم من امتيازات الوظيفة بل يتحولون إلى حيتان مفتوحة الأفواه.

(5) ويكون منتهى الإحسان من أحدهم أن يعف عن المال العام؛ وإن تخلى الجهاز الذي أؤتمن عليه عن دوره أو ساء أداؤه!

(6) من حق المسؤول أن يمتلك ما شاء ما وسعه ماله الخاص؛ ومن حق وظيفته العامة عليه أن ينأى بها عن أعماله الخاصة.

(7) منتهى (الوطنية) عند بعضهم: علاقة بمسؤول كبير، أو قصيدة تُهدى، أو صورة في معرف إلكتروني؛ وإن رشا أو استرشى.

(8) لا يامن الفاسد من صاحبه. عين كل واحد منهما مفتوحة على الآخر، ليزيد حصته من أدلة تنفعه ذات غدر أو هجر.

(9) إذا اختلف الفاسدون بان فسادهم. (المصالح) هي سائق العلافة بينهم، ومتى ما انقطع حبلها؛ اندلق كل ما في الدلو.

(10) ثمة اتفاق غير معلن أو (شبه اتفاق) بين بعض الكبار من المسؤولين والتجار؛ يدفع ضريبته الوطن والمواطن البسيط!


(11) اللهم احفظ (عمان) من الفساد والمفسدين، وأيّد جلالة السلطان بالحق، وأيد به الحق، وقيض له بطانة وطنية صالحة.

الأحد، 21 ديسمبر 2014

أحوال الألم والأمل ..

كلها تجارة خاسرة..
الهم، والقلق، والتفكير المزعج!

***

لا تقتصد في الأمل، وأنفق منه لغيرك..

***

والآن وقد أخذ الله وديعته من طفلتك البريئة..
أفلا تطمئن إلى مستقبلها أكثر!!

***

لحظةٌ غنيةٌ في حياة الفقراء
إذ يتفاعلون مع بعضهم برضاً
بابتسامة ينتشرون بها من طيّ،
أو طُرفةٍ يتوسَّعون بها من ضيق!!

***

في كل شيخٍ شابٌّ طويلٌ أملُه
وفي كل شابٍ شيخٌ قريبٌ أَجَلُه..
نحن أيام،
تدور بين ألم وأمل!

***

رسائل الله ..
رُسُلُه إلينا لا تتوقف!
كم في الداء، وصنوف الابتلاء؛ من رسالةٍ لقوم يتفكرون!

***

الصبر..
شاطئ الحيران إذا هاجمه أخطبــــوط القلق،
وهو الوادي المقدس.. يقبس من نوره،
وربما يجد على ناره الهدى!!

***

الصبر والهدوء..
مطبخ القرارات الصعبة، والأفكار المدهشة، والمشروعات الناجحة!!

***

في كل الأحوال..
حافظ على سعادتك وهدوئك الداخلي

..|القلق| و |الهم|؛ أدواتٌ لا تُحصِّن  المستقبل ولا تُؤمِّن الحاضر.

الأحد، 7 ديسمبر 2014

حتى لا ينتهي عسل الفقراء .. !

حديث الناس هذه الأيام يدور في كثير من الأحيان حول العجز المتوقع في الموازنة العامة للدولة، وما قد ينشأ عن هذا من إجراءات ستقوم بها الحكومة، ربما تمس قطاعات كبيرة من عامة الناس ومتوسطي الحال في شؤون حياتهم اليومية، وتؤثر بالتالي على أنماط معيشتهم ومستواها الذي تحسن كثيرا بفعل انتعاش أسواق النفط في السنوات الأخيرة.

من ضمن الإجراءات التي صرح بها المسؤولون في وزارة المالية؛ التوجه إلى خفض الدعم عن قطاع البنزين وغيره. وكان مما صرح به مسؤول رفيع بحسب ما أوردته إحدى الصحف المحلية؛ قوله "بأن المواطنين أكثر قبولا وتفهما للوضع الحالي، وأنهم يدركون أن استغلال الثروة النفطية يشوبه إفراط وإهدار".

هنا يتساءل البعض: من هم المواطنون المقصودون هنا؟.. هل هم أؤلئك الذين يكسبون لقمة عيشهم من عملهم في قطاع النقل كأصحاب سيارات الأجرة أو شاحنات النقل، أم هم الموظفون العاديون وأشباههم من عامة الناس الذين يقومون بتعبئة وقود سياراتهم الخاصة أسبوعيا من محطات البنزين، أم هم أولئك المسؤولون الكبار في الحكومة الذين لا يتكلفون عناءً في التزود بالوقود ولا حتى الذهاب إلى محطات البنزين،  بسببٍ من سياراتهم الحكومية الفخمة، المصروفِ وقودها وأجرة سائقها شهريا من الموازنة العامة ضمن ما يصرف لكبار مسؤولي الدولة؟.. سيفهم المواطنون –أيها المسؤول- وسيتفهمون حتما، أهمية أن يقف الجميع مع أي إجراء حكيم ضد الإفراط والإهدار الذي يهدد أمن الدولة الاقتصادي حتى لو كان ذلك على حساب أوضاعهم المالية، ولكنهم يأملون –في المقابل- أن يتفهم بعض (الكبار) ويتقبلوا الإفساح لهذه الإجراءات لكي تنال من أوضاعهم المالية هم أيضا، بأن يعطوا من أنفسهم مثالا يحتذى بترشيد النفقات على شخوصهم الكريمة، التي يأخذونها بحق أو بدونه، والعفِّ عن بعض الأسفار التي لا طائل من ورائها، والتنازل عن بعض ما لا يحتاجونه مما هو مكفول لهم في امتيازات الوظيفة.. حين يفعل كبار المسؤولين ذلك؛ فإن عامة الناس سيشعرون بأنكم وإياهم في خندق واحد، وأنهم ليسوا المقصودين وحدهم بدفع فاتورة الحساب.

أما أن يجني المسؤولون الكبار الفوائد حين الحصاد، ويعفون أنفسهم من التبعات حين الأزمة، فهذا مما يُنهي (عسل الفقراء) وحدهم فقط، على رأي من أنشأ وسم (انتهى شهر العسل) في تويتر تعليقا على هذا الموضوع!!

لا .. بل في الحقيقة؛ يُنهي (شهر العسل) على الجميع، لأن الفقير إذا شبع سكت ورضي، ولكنه إذا جاع أشعل ثورة!.. وحينها سينتهي شهر عسل الكبار أيضا حين يواجهون غضب الشارع ومطالبه التي لا تنتهي..
على أن فاتورة الحساب –إذا تعيّن على أحد أن يدفعها من الفريقين- فإن أولى الناس بذلك هم المسؤولون الكبار الذين لم يُحسنوا صُنْعاً في إدارة المؤسسات التي أؤتمنوا عليها، بسببٍ من عدم الكفاءة أو عدم الأمانة..
ألم يتردد على أسماعنا منذ نعومة أظفارنا مصطلح (تنويع مصادر الدخل).. فأين هو الآن من هذه العثرة التي تعصف باقتصاد البلد؟.. ماذا فعل المسؤولون المكلفون بإدارة مؤسسات وملفات؛ لو أديرت على النحو الأمثل لما كان لنا مثل هذا الحديث اليوم.

إن المسؤول –أيا كان موقعه وحجمه- مقصود أولا بالحساب قبل المواطن البسيط، حين يجعل في مؤسسة حكومية، فيحسن استغلال كل ما تصل يده إليه من امتيازات الوظيفة، لكنه لا يحسن أن يدير مؤسسته على النحو الذي ينجي اقتصاد الدولة أن يقع في مثل هذه العثرات.

السبت، 29 نوفمبر 2014

يحدث أحيانا ..

·     أن يكون في آخر الصف؛ لايعني - بالضرورة - أنه وصل متأخرا ! ..

·     رُبَّ عُزْلَةٍ موغلة في البُعْد أفضت إلى حضورٍ ضاربٍ في المجد!

·     إشارة باليد، ابتسامة على الوجه، حركة في العين.. قد تكون هي (فقط) ما يحتاجه غافل أو مريض أو مكروب في لحظة ما.. كن كريما!

·     ربما يعلمك الصمت ثرثار، وربما يعلمك التواضع مغرور، وربما يعلمك التأني متهور!.. يقينا؛ ليس المعلم هو العلم. العلم أعزُّ شأنا وأجلّ!!

·     لا بأس أن تستيقظ أخيرا.. تلك لحظة فاصلة قد تنجيك من موت محقق!

·     قد يعلم كلا الزوجين فضل زوجه عليه، حين يعيا الواحد منهما بما هو سهل المتناول لدى شريكه.. ذلك فضل الله عليهما معا!

·     رب حقير في عينيك الآن؛ كان عظيما في عينيك من قبل. ورب حقير في عينيك؛ هو عند الآخرين عظيم!.. لا تتنكر لتاريخك، ولا تتجاهل ظروف الآخرين!

·     أحيانا ..تخدعنا المقدمات، وتكون النتائج أحسنَ مما نتصور!

·     الأشياء خلف (آلة التصوير)؛ تبدو أكبر وأجمل مما هي عليه في الواقع!

·     ربمايفوق إحسانُ (المطَوِّر) إلى الفكرة إحسانَ (صاحبها الأول)، والله يحب المحسنين!

·     أحيانا؛لا تحتاج (الفرصة العظيمة) إلا إلى نظرة، أو إلى ابتسامة، وربما سـلام، أو كلام، أو موعـد، أو لقاء!

·     بعض الغفلة.. نعمة!

·     وأنت تسير في الطريق.. مفكرا.. محترقا.. تجاهد للخروج من مأزق ما؛ هل خطر ببالك أنك -ربما- تسير -أصلا- في طريق يوصلك إلى النجاة بل وإلى الفوز؟!

·     ليست الحاجة -دائما- (سويدة وجه) كما كان يقول شيابنا الحكماء؛ بل قد تكون -بيَّض الله وجهها- سببا في اجتماع الشمل بين الأحباب والأصحاب!

·     قد تدفع باللطف ما لا تدفع بالعنف، وقد تفعل الإشارة ما لا تفعله العبارة.. "ما خالط الرفق شيئا إلا زانه"، وسبحان من خلق الرفق واللطف والإشارة!..

·     معاقبة المقصِّر (قد) تحفظ النظام، لكن تعزيز المُحسن يضيف إلى حفظ النظام (عامل الجودة) بفعل التنافس الشريف، وتلك غاية كل مؤسسة ناجحة!

·     ما تراه أنت كبيرا ظاهرا، قد يكون بالكاد ملاحظا لدى الآخرين. ما تراه أنت عيبا قد يراه الآخرون شيئا عاديا. النسبية من نعم الله علينا!

·     في بعض السرعة السلامة.. وفي بعض التأني الندامة!

·     أن يكون جانب الورقة الظاهر أمامك مقلوبا؛ لا يعني بالضرورة أن من يتغطى وراءها لا يقرأ، فقد يكون ممن يعيدون استخدام الأوراق بينما لا تفعل أنت!!

·     ليس كل ما تراه كان مقصودا من قبل صانعه.بعض الإضافات يسوقها خطأ، ثم يتبعه تعديل!


·     عدم إحاطتنا بفكرة يحاول إنسان ما عرضها قد يسيئ ظننا به. قطع كلامه أو الاكتفاء ببعضه؛ يفسد -علينا وعليه- ما قد تكون نوايا طيبة قد دفعته إليه!

الوطن أكبر من وشاح .. !

لفت انتباهي، قبل أسبوع مضى تقريبا، أحد الأساتذة في الجامعة، حضر بلباسه العادي إلى مكان أعده الطلبة للاحتفال بالعيد الوطني. قال الأستاذ لزميله الذي دخل فجأة إلى مكان الاحتفال وكان يضع على دشداشته من الأوشحة والشعارات وغيرها ما يدل على فرحته بهذا اليوم: يبدو أنك سعيد هذا اليوم. قال: أكيد.. هذا يوم أنتظره بفارغ الصبر.. (وبأسلوب عتاب أضاف:) لماذا لا تلبس أنت أيضا شيئا من هذه الأشياء!!.. ثم جاء طالب يضع على ثوبه  شيئا قريبا مما وضع الأستاذ، وقال له: أنت تحب عمان؟ قال: نعم. قال الأستاذ: أنا مثلك تماما أحب عمان!! .. حينها هز الأستاذ المخضرم -الذي عركته التجارب- رأسه ملتفتا إليَّ، ولسان حاله يقول: ليس بالمظاهر وحدها يكون الاحتفال، وتكون الوطنية!!
**
كيف ينبغي لنا أن نفهم الاحتفال بالعيد الوطني؟.. يظن بعض الناس أن المظاهر الخارجية كافية، ويحسبون أن من عداهم ممن لا يلبس لبوسهم - أو قريبا منه - لهذا اليوم لا تتمكن الوطنية منهم كما هي فيهم.

إن هذا و لا شك خطأ كبير في التصور، فأن تختصر المعاني العظيمة في القشور يعني أن يساق ضعيفو الانتماء إلى النفاق بما يهيئ لهم مكان الصدارة، وأن يُرضى من المخلصين ذوي العواطف الفياضة والمشاعر النبيلة والإمكانيات الكبيرة، المستعدين للبذل والعطاء؛ بما هو دون المطلوب الوطني بكثير، وفي هذا وذاك محنة للوطن!

فمحنة الوطن بالقسم الأول أن أولئك ينظرون إليه على أنه غنيمة، السابق إليها هو المُخلص الأول، وحظه من الجزاء الأوفر والأحسن، كأنما الوطن مرعى أخضر مفتوح لا حسيب فيه و لا رقيب عليه، وكأنهم الأنعام جاءت إليه بعد مسغبة!! .. هؤلاء يرضون حين يُعطون أو تتيسر لهم فرصة الأخذ بحق وبدونه، ويسخطون إذا لم يستطيعوا إلى ذلك سبيلا.

ومحنة الوطن بالقسم الثاني أن طاقة هؤلاء وإمكانياتهم مهدرة، فغاية ما يُرجى منهم أن يكتفوا بالمظاهر البراقة، والكلام الذي لا يفهمون كثيرا من معانيه، فيما يحتاج الوطن منهم إلى أن يؤمنوا أن أسمى معاني الوطنية هي التي تكشف عنها الأفعال لا الأقوال، وأن يتم توجيه مشاعرهم الوطنية عبر مؤسسات الدين والتربية والإعلام والثقافة إلى أن تكون إيمانا عميقا بأن حب الأوطان من الإيمان، ورغبة صادقة في العلم والتعلم، وإخلاصا وجهادا في العمل، واجتهادا في نقل الصورة الطيبة عنه لكل من لا يعرف تاريخه وحضارته وأمجاده.


ليس خطأ أن يلبس الإنسان لليوم السعيد لبوسه، ولكن الخطأ كل الخطأ أن ينظر إلى هذه المظاهر على أنها الجوهر الأصيل. إن الوطن أطول من قصيدة بليغة، وأعظم من خطبة عصماء، وأكبر من وشاح جميل، وأسمى من كل شعار براق.

الأحد، 26 أكتوبر 2014

البناء بالاختلاف !

يحدث أحيانا أن يجهر شخص ما برأيه في موقف ما، قد يكون مخالفا للسائد، أو فيه ما يشبه المواجهة مع رأي الشريحة الأكبر، أو فيه انقلاب على المتوقع منه. ويحدث أحيانا أن يتسابق الناس أفواجاً إلى الإدلاء بدلوهم فيما أعلنه المذكور من رأي. يُقبل بعض هؤلاء برسائل هجومية فيها من الغث أكثر مما فيها من السمين، ويتصدى لهم طرف آخر مدافعا بلغة فيها من العواطف أكثر مما فيها من المنطق، وبين هؤلاء وهؤلاء يقف فريق وسط؛ يسوق لطيف العبارات، ويحاول التوفيق بين الخصمين بالتي هي أحسن، وينطلق في عرض وجهة نظره من ظنٍ حسنٍ بجميع الأطراف، ويعرض ما لديه من حجج وبراهين، فيدع المجال للمتابع المحايد ليتبنى ما شاء من وجهات النظر.

مهما يكن من أمر؛ فإن لكلٍ من هؤلاء جميعا مبرراته التي تدعوه إلى عرض وجهة نظره بالطريقة التي تلائمه، وإن كان ذلك لا يعبر –بالضرورة- عن منطقية هذه المبررات أو وجاهتها، وإنما عن شخصيته وثقافته وأفقه الفكري. في كل الأحول لا بد من استحضار أننا نحتاج –حتى في أشد اختلافاتنا، مع القريب أو البعيد- إلى بث رسائل محبة واحترام فيما بيننا، حتى يكون هذا الخلاف عامل بناء لا هدم، وعنصر قوة لا عنصر ضعف وخيبة.

ولأن استحضار هذه الحاجة أصبح ضعيفا –إن لم يكن غائبا تماما– في معظم نقاشاتنا في الدين والسياسة والحياة الاجتماعية وغيرها من الشؤون؛ فإن المحصلة كلام سوقي بذيئ، وتهم باطلة لا أساس لها من الصحة، وقناعات راسخة تبنى على أوهام. يزداد الطين بلة والأمر سوءا –بالطبع- إذا لم تقتصر هذه على أن تكون محصلة لنقاشات الأفراد هنا وهناك فحسب، بل تتجاوز هذا المحيط لتدار عليها سياسات دول بأكملها، وتعجن على هدىً منها عجائن السياسة والاقتصاد، وغيرها من شؤون العلاقات بين الدول. وهنا قد تتحول هذه الخلافات إلى مبرر للتدخلات والصراعات، فتأتي على الأخضر واليابس، وتهز بنيان الثقة بين الشعوب المختلفة، التي جعل الله عز وجل اختلافها مدعاة للتعارف والائتلاف!

وفي محيطنا الإقليمي الذي يشهد من الثورات والانقلاب عليها، وفتح المجال للتدخلات الدولية من هنا وهناك في اتجاهات الشارع، ما يشهد على النموذج السيئ للتعامل مع الاختلافات في الرأي من قبل صناع القرار وقادة الرأي في دول تتشوف شعوبها إلى استقرار حقيقي، وتحويل الاختلافات في اتجاهات قادتها إلى مادة بناء، ومصدر قوة وثراء.


ما أجمل إذا كانت قناعة طرفي كل خلاف هي: أن نكون معا؛ لا يعني أننا لا نختلف. وأن نختلف؛ لا يعني أن لا نكون معا !! .. فبالاختلاف تكون مساحة البناء واسعة، وفيها من الجاهزية للاحتمالات والفاعلية حين الأزمات؛ الشيء الكثير!

الاثنين، 26 مايو 2014

الإتجار بـ ( الإتجار بالبشر ) !!

في روايته (ساق البامبو) التي فازت بجائزة البوكر العربية 2013؛ يقول الكاتب الكويتي سعود السنعوسي: "ليس المؤلم أن يكون للإنسان ثمنٌ بخس. بل الألم كل الألم أن يكون للإنسان ثمن"، معبِّرا بذلك عن معنىً موجع حرَّك ضمائر المشرعين القانونيين نحو تجريم ما اصطلحوا على تسميته بـ (الإتجار بالبشر).

وفي ظل قابلية كثير من مشكلات العمالة الوافدة –لا سيما عاملات المنازل- لتكييفها على أنها (إتجار بالبشر)، لأسباب قانونية حينا وإنسانية حينا آخر، ودعائية في ملفات حقوق الإنسان حينا ثالثا؛ فإن مكافحة هذه الجريمة قد تتحول –بوعي أو بدونه- إلى ما يشبه (الدعوة إلى تحرير المرأة)، التي سيقت لإنصاف المرأة المظلومة، فتحولت لتكون سيفا مسلطا على رقبة المجتمع، وتكشفت عن استغلال المقصد النبيل في أغراض دنيئة!!

وجه الشبه بين الموضوعين، أن (الضحايا المفترضين) في هذه الجريمة، قد يتحولون من وضع الجناية عليهم في قضايا (الإتجار بالبشر) ليكونوا هم الجناة، وذلك باستغلال ما يفرضه القانون من عقوبات على (الجاني المفترض)؛ الأمر الذي يدفع (الضحايا المفترضين) للمتاجرة بهذه الجريمة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، والاستفادة من سند قانوني أراد المشرِّع أن يكون نصرا للضحية فأصبح نصرا للجاني.

وفي هذا السياق، ربما تكون قضية (هروب عاملات المنازل) مثالا جيدا على المذكور أعلاه. فبالحسبة المادية الصِّرفة؛ فإن الأجدى –في ظل القوانين المعمول بها في وزارة القوى العاملة- لكل عاملة منزل هو الهرب من بيت كفيلها، الذي استقدمها دافعا مبالغ طائلة لغير واحدة من الجهات. ذلك أجدى لها؛ لأنها ستحرر من عمل روتيني تمارسه إلى ما ترغب فيه من أعمال، ومن بيت لا تمارس فيه حريتها المطلقة إلى مساحة لا حسيب عليها ولا رقيب، ومن راتب شهري ثابت ومعلوم إلى دَخْلٍ قد يفوقه بكثير؛ جراء خدمات متنوعة تعرضها على المنازل بالساعات أو على جهات محلية ووافدة تستفيد من العمالة الهاربة في أعمال تجارية ظاهرة أو أعمال خفية مشبوهة أو محرمة!..كما أن الخيار سيكون متاحا لها للعمل والسياحة معا في طول البلاد وعرضها، وهو ترف لا يتوفر دائما لممتهني هذه المهن.

وبعد هذا كله، وفي الوقت الذي تختاره بنفسها، ستجد أن تذكرتها وجوازها جاهزين في انتظارها، لترجع محاطةً بالجلال والإكرام إلى بلدها، فيما يكون كفيلها المسكين قد خسر أكثر مما أنفقه لاستقدامها، ولا عزاء له ولا بواكي في وزارة القوى العاملة، التي لا يجيبه الموظفون فيها إلا بعبارة: ماذا نفعل.. إنها القوانين!!

السؤال الذي يطرح نفسه: من وضع هذه القوانين؟ وهل يراعى في سن القانون طرف دون آخر؟.. أتفهم أن ثمة عاملات أجبرتهن ظروف عمل قاسية ومضايقات كثيرة على الهرب من بيوت مستخدميهن، فجاء القانون لينتصر لهن، ولكن ماذا عن الكفيل الذي أحوجته الظروف إلى عاملة منزل وتكبد من دفع المبالغ ما لا تطيقه –أحيانا- أحواله المادية، ثم وصلت إلى بيته، وأقامت فيه معززة مكرمة، كأنها واحدة من أهل البيت، ولم تنل منهم إلا خيرا وإحسانا، ثم قلبت لهم ظهر المجن، وولت هاربة لا يعنيها من أمر البيت وأهله شيئا..؟!!

الأحد، 4 مايو 2014

من سوالف سبلة الفيس بوك: (طواعة) سلطان بروناي!

كتب الأخ صالح الفلاحي (Saleh Alfalahi) في صفحته على الفيس بوك بتاريخ 30 أبريل 2014 م هذه التدوينة:
"مؤسف أن يتخذ سلطان بروناي وهو فرد مطلق السلطات قرارا فرديا بتطبيق ما يسمى بالشريعة بسبب نوعية تدينه الفردي في السنوات الأخيرة، و هذا القانون الذي يتضمن الجلد والعقوبة غير الإنسانية المتمثلة في قطع اليد،ثم بعد عام ستطبق العقوبة البشعة وهي الرجم، لم يكن القرار نتيجة استفتاء شعبي أو إقرار من ممثلي الشعب، إنه رغبة نشأت من 'طواعة' حسن بلقية، علما بأن بروناي تحتاج إلى قرارات اقتصادية ضرورية لتنويع دخلها بدل هذه القرارات ".

***
وكانت مداخلتي عليه، كما يأتي:
حياك الله أخي صالح، أرجو أن تكون بخير دائما ..
تقول: (لم يكن القرار نتيجة استفتاء شعبي أو إقرار من ممثلي الشعب)
-     طيب ||| هل أجريت أنت -أيضا- استفتاء على شعب بروناي أو ممثليه في البرلمان، فظهر لك منه ما يدعوك للأسف على حريتهم المنكوبة؟!

تقول: "إن قطع اليد عقوبة غير إنسانية" ..
هنا أكثر من سؤال؛ قد يطرحه البعض عليك:
-  أنت هنا تعطي كلمة "الإنسانية" بعدا مطلقا، وهي ليست كذلك.. فما تراه أنت إنساني قد لا يراه غيرك كذلك، والعكس صحيح.. عن أي إنسانية تتحدث؟
- لنفرض أننا اتفقنا على أن هذا الفعل (غير إنساني)؛ فهل تفشي السرقة بين الناس، وهز الكيان الاقتصادي للبلاد (إنساني)؟.. ربما يكون هذا في جانب منه قرار اقتصادي -أصلا- أكثر منه شرعي تفرضه عليه (طواعته) التي لم تعجبك!!
- بناء على الفرض أعلاه؛ ما الأساس الذي استندت إليه للزعم بأنها (غير إنسانية)؟.. هل هو الألم والتشويه الذي يصيب العضو الإنساني؟!.. إذا كان ذلك كذلك؛ فما تقول في جراحات الطب التي قد تشوه أعضاء الإنسان أضعاف ما تفعله الأحكام الشرعية؟
||||
-     وهنا مداخلة أخيرة؛ أرجو ان يتسع لها صدر الأخ صالح الفلاحي، وغيره ممن ينطبق عليهم الوصف أدناه:

لماذا ينشغل المتدينون السابقون بنبش قضايا الفكر الديني التي تثير جدلا بين الناس بلا حدود ، حتى لكأن هذا هو جواز مرورهم إلى الضفة الأخرى.. شيء يشبه جلد الذات، أو تبرير الخروج عن فكرهم القديم ، أو ربما هي الرغبة في تكثير سوادهم باستقطاب أولي أفهام ضعيفة إليهم كأنهم لا يطيب لهم المقام فيما آلوا إليه إلا أذا أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بضجيجهم ، و الله المستعان !! .. 

الاثنين، 28 أبريل 2014

حرِّرُوا حرية التعبير .. !!

البيت الشهير المنسوب لمجنون ليلى أو أبي العتاهية: (وكلٌّ يدَّعي وصلا بليلى/ وليلى لا تقر لهم بذاكا) ذكرني بمصطلح (حرية التعبير) وما يصحبه –عادة- من جدل واختلاف بين أطراف كثيرة في المجتمع؛ يثور كلما حدثت حادثة تتحرش بهدوئه، وتتغير على معتاده. هنا ينبري بعض أبناء المجتمع للدفاع عن قيمه وعاداته وأعرافه، وربما انحرف بعضهم –جهلا- إلى استخدام أقذع الألفاظ في محاولة رد المتغير إلى الثابت؛ فيما ينبري (المثقفون) أو المحسوبون عليهم للدفاع عن (حرية التعبير)، وربما ظن الواحد منهم –غرورا- وهو يخوض هذه المعركة أنه نبي مرسل معصوم يوحى إليه، فما عليه إلا البلاغ وما على الناس إلا السمع والطاعة.. وكلٌّ من هذين؛ يحسب أن ما يقوم به هو الحماية المثلى التي تنبغي لـ (حرية التعبير) في المجتمع، فيما يبحث المصطلح نفسه عمن يحرره من هذا السجن المفهومي الذي يعوق حركته!

مهما كانت الأسباب والمبررات؛ فإن السباب والشتائم لا ينبغي أن تكون وسيلة المختلفين في إثبات آرائهم وفرض قناعاتهم، ولاجدال في أنها لا يصح نسبتها إلى (حرية التعبير) فهذا من السقوط الأخلاقي الذي ينبغي أن تنأى عنه الحريات والحقوق. وفي المقابل؛ فإنه مهما كانت المصادر والاتجاهات؛ فإن المصطلحات لا ينبغي أن تكون سجينة في إطار لا يعلم مفاتحه إلا بعض المتغنين بها والزاعمين تبنيها بحق أو بباطل، حتى لَيَحار الناس في أمر هذا المفهوم الذي قد يتطور إلى أن يصبح حربا على المجتمعات في شؤون حياتها المختلفة، وهذا سقوط إنساني ربما يكون أشد وأنكى من السقوط الأخلاقي!

لاعتب على الجاهل إذا توسل إلى الحق بلفظ باطل؛ فماذا تنتظر من جهول!.. ولكن العتب على المثقف الذي قرأ وكتب، وذاق وعرف؛ إذا أنكر على الناس ما يدعوهم إليه، فمن حذا حذوه صفق له وأعطاه صفة (المثقف) مجانا، ومن عارضه –وإن أحسن الطرح والأسلوب- وسمه بالتخلف، واتخذه عدوا له!

ليس لحرية التعبير وجهان؛ إما أن تكون (خيرا) ينبغي أن يدفع إليه الناس جميعا وإما أن تكون (شرا) يجنبه جميع الناس!.. أما أن يكون التعامل في هذا الشأن، على وفق ما قال القائل: (أحرامٌ على بلابله الدوحٌ حلالٌ للطير من كل جنسِ)؛ فهذا هو كيل المطففين "الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ"!!

وعلى كل من ينادي بـ(حرية التعبير) أن يعي أمورا كثيرة، منها أن لكل حرية حدودا تحفظ لها قيمتها الإنسانية، وأنها تمضي في اتجاهين؛ فكما يفرح هو بالتعبير عن آرائه، فإنه ينبغي أن يفرح بتعبير المختلف معه عن آرائه أيضا، كما قال فولتير: (إنني أختلف معك في كل كلمة تقولها، لكنني سأدافع حتى الموت عن حقك في أن تقول ما تريد)!.. ومنها أن يسير في مشروعه التنويري على قاعدة الإمام الشافعي (رأيي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب)!

الاثنين، 31 مارس 2014

رسائل اللحظة الأخيرة ..

·      من عداوة الشيطان للإنسان ألا يكتفي بتزيين الرذيلة المحرمة في الدين والمجتمع؛ بل يمعن في تقبيح الفضائل الاجتماعية والدينية المباحة !

·      من بالغ ضعف الإنسان أن يغتر بنفسه. إن الغرور ضعف نفسي، وربما كان كذلك لأنه مشدود -بشكل أو بآخر- بحبل من الشيطان. "إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا" !

·      ليس كل طيِّب ودود غافلا ساذجا، وليس كلُّ ساذج غافل غبيا غير يقظان.. كم من نائم وهو يقظان؛ "ينام بإحدى مقلتيه ويَتَّقِي|بأخرى الأعادي، فهو يقظانُ نائمُ" !!

·      حين يتطلّع الإنسانُ إلى الحرام؛ فإنه لا يأتيه إلا مُجْرِما؛ يرسل عينا غير غضيضة، ويداً غير مغلولة، وفؤادا يجعل ربه نسْياً مَنْسِيّا، كأن الله لم يقل له يوما: "وما كان ربُّك نَسِيّا".

·      وحين " تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"، وتأتي فرص التوبة زرافات ووحدانا إلى الناس فلا " تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا"، أو يستقبلونها " كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ"؛ فهل يقعد الواحد منهم بعدها إلا ملوما محسورا؟ " وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا"!!

·      بعض (الجَمَال) عزيز؛ لا يقرأه، ولا يراه، ولا يسمعه إلا من سجد واقترب!

·      أحيانا.. لا شيء كالنظرة عن كثب؛ يكشف لك جَمَال الشيء أو عدمه، و لا ينبئك مثل خبير !

·      من قبح (القبيح) أن يلبس لبوس (الجمال).. ومن قبحه أكثر؛ أن تنجلي حقيقته بمجرد الاقتراب منه!

·      يفلح كثيرا من يُسيّج علاقاته بالناس بالتغافل حينا والحذر حينا آخر. التغافل.. مكمنُ الراحة من أخطائهم، والحذر .. مأمنٌ من مآزقَ مفاجئة بينهم!

·      بين الانتماء إلى (القبيلة) و تبني (القبليّة)؛ فَرْقُ ما بين (الهُوِيَّة) و (الهُوَّة)..

·      لا بأس من معالجة التفاصيل صغيرة باهتمام كبير ؛ فقد تنجيك غداً من هم أكبر، وتسوقك إلى إنجاز أخضر!!

·      أحيــانا .. يلبس | الغرور | أو |الأنا| لبـــاس (المظلومية) !!

·      حفاظا على صدارة رأيه؛ ما أسهل كلمة (الكل) عند (البعض) من الناس!!