الأحد، 7 ديسمبر 2014

حتى لا ينتهي عسل الفقراء .. !

حديث الناس هذه الأيام يدور في كثير من الأحيان حول العجز المتوقع في الموازنة العامة للدولة، وما قد ينشأ عن هذا من إجراءات ستقوم بها الحكومة، ربما تمس قطاعات كبيرة من عامة الناس ومتوسطي الحال في شؤون حياتهم اليومية، وتؤثر بالتالي على أنماط معيشتهم ومستواها الذي تحسن كثيرا بفعل انتعاش أسواق النفط في السنوات الأخيرة.

من ضمن الإجراءات التي صرح بها المسؤولون في وزارة المالية؛ التوجه إلى خفض الدعم عن قطاع البنزين وغيره. وكان مما صرح به مسؤول رفيع بحسب ما أوردته إحدى الصحف المحلية؛ قوله "بأن المواطنين أكثر قبولا وتفهما للوضع الحالي، وأنهم يدركون أن استغلال الثروة النفطية يشوبه إفراط وإهدار".

هنا يتساءل البعض: من هم المواطنون المقصودون هنا؟.. هل هم أؤلئك الذين يكسبون لقمة عيشهم من عملهم في قطاع النقل كأصحاب سيارات الأجرة أو شاحنات النقل، أم هم الموظفون العاديون وأشباههم من عامة الناس الذين يقومون بتعبئة وقود سياراتهم الخاصة أسبوعيا من محطات البنزين، أم هم أولئك المسؤولون الكبار في الحكومة الذين لا يتكلفون عناءً في التزود بالوقود ولا حتى الذهاب إلى محطات البنزين،  بسببٍ من سياراتهم الحكومية الفخمة، المصروفِ وقودها وأجرة سائقها شهريا من الموازنة العامة ضمن ما يصرف لكبار مسؤولي الدولة؟.. سيفهم المواطنون –أيها المسؤول- وسيتفهمون حتما، أهمية أن يقف الجميع مع أي إجراء حكيم ضد الإفراط والإهدار الذي يهدد أمن الدولة الاقتصادي حتى لو كان ذلك على حساب أوضاعهم المالية، ولكنهم يأملون –في المقابل- أن يتفهم بعض (الكبار) ويتقبلوا الإفساح لهذه الإجراءات لكي تنال من أوضاعهم المالية هم أيضا، بأن يعطوا من أنفسهم مثالا يحتذى بترشيد النفقات على شخوصهم الكريمة، التي يأخذونها بحق أو بدونه، والعفِّ عن بعض الأسفار التي لا طائل من ورائها، والتنازل عن بعض ما لا يحتاجونه مما هو مكفول لهم في امتيازات الوظيفة.. حين يفعل كبار المسؤولين ذلك؛ فإن عامة الناس سيشعرون بأنكم وإياهم في خندق واحد، وأنهم ليسوا المقصودين وحدهم بدفع فاتورة الحساب.

أما أن يجني المسؤولون الكبار الفوائد حين الحصاد، ويعفون أنفسهم من التبعات حين الأزمة، فهذا مما يُنهي (عسل الفقراء) وحدهم فقط، على رأي من أنشأ وسم (انتهى شهر العسل) في تويتر تعليقا على هذا الموضوع!!

لا .. بل في الحقيقة؛ يُنهي (شهر العسل) على الجميع، لأن الفقير إذا شبع سكت ورضي، ولكنه إذا جاع أشعل ثورة!.. وحينها سينتهي شهر عسل الكبار أيضا حين يواجهون غضب الشارع ومطالبه التي لا تنتهي..
على أن فاتورة الحساب –إذا تعيّن على أحد أن يدفعها من الفريقين- فإن أولى الناس بذلك هم المسؤولون الكبار الذين لم يُحسنوا صُنْعاً في إدارة المؤسسات التي أؤتمنوا عليها، بسببٍ من عدم الكفاءة أو عدم الأمانة..
ألم يتردد على أسماعنا منذ نعومة أظفارنا مصطلح (تنويع مصادر الدخل).. فأين هو الآن من هذه العثرة التي تعصف باقتصاد البلد؟.. ماذا فعل المسؤولون المكلفون بإدارة مؤسسات وملفات؛ لو أديرت على النحو الأمثل لما كان لنا مثل هذا الحديث اليوم.

إن المسؤول –أيا كان موقعه وحجمه- مقصود أولا بالحساب قبل المواطن البسيط، حين يجعل في مؤسسة حكومية، فيحسن استغلال كل ما تصل يده إليه من امتيازات الوظيفة، لكنه لا يحسن أن يدير مؤسسته على النحو الذي ينجي اقتصاد الدولة أن يقع في مثل هذه العثرات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق