الأحد، 23 أكتوبر 2011

من يخوض المغامرة ؟


إحدى المجلات النسائية المتخصصة التي تعنى بثقافة المرأة كتبت تفسر اسمها (مغامرة الكتابة في المرأة ، و مغامرة المرأة في الكتابة) وكأنها تتبنى مشروعا صعبا، و أحد أساتذة الإعلام يصف في إحدى محاضراته  محاولة إصدار مجلة نسائية جادة بأنها (مغامرة)!!.. ترى هل هي فعلا مغامرة ، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون ضربا من اللعب بالكلمات !!

تمتلئ ساحتنا الثقافية اليوم بمئات المطبوعات العربية الورقية و الإلكترونية الموجهة للمرأة ، و لكنها – للأسف – لا تلبي الحاجة الإعلامية للمرأة العربية المسلمة ، فهي تصرف نظرها إلى قضايا فرعية و هامشية ، لا تقع في دائرة اهتماماتها الأساسية ، إما لأسباب دينية و ثقافية و حضارية مجتمعة أو متفرقة، و إما لأن الواقع العام الذي تعيشه الأمة عامة يفرض عليها أولويات من نوع آخر.

إن اطلاعا سريعا على هذه المطبوعات يفضي بنا إلى شعور بالأسف ممض ، و مرارة تعتصر الفؤاد . ذلك أن مضامينها لا تعكس الحاجات المعرفية الحقيقية التي تحتاجها المرأة العربية من أجل النهوض بواقعها من حالة الضعف إلى حالة القوة من ناحية ، و هي من ناحية أخرى تكريس لفكر فئة معينة ليس لها الحضور القوي في المجتمعات العربية . و ليست المشكلة في أن تتحدث مطبوعة ما بلسان فئة معينة ، فلكل إنسان الحق في أن يعبر عما يعتقده من آراء ، لكن المشكلة تكمن في أن هذه المطبوعات تقدم نموذجا للمرأة لا يمت بصلة إلى واقعنا المعاش ، فهو نموذج منقول دون تغيير يمثل واقع المرأة الغربية في انحرافاتها الفكرية و الأخلاقية ، و اهتماماتها الضيقة .
إن المرأة العربية المسلمة تواجه اليوم وضعا معقدا للغاية ، تحتاج بإزائه إلى خطاب يتوجه إلى الجوهر و المظهر في آن واحد ، ينهض على توازن يجافي الإفراط و التفريط معا ! على أن يتأسس هذا الخطاب أولا و أخيرا على مبادئ الشرع الإسلامي الحنيف الذي تحتكم إليه مجتمعاتنا .
و لذلك فإن السؤال يطرح نفسه بقوة .. ترى أين تغيب موضوعات مثل ( تعليم المرأة ) و ( العنوسة ) و ( الحياة الزوجية ) و ( تربية الأطفال ) ، و غيرها من الموضوعات التي تهم المرأة عن بال الذين يقفون خلف الصحافة النسوية ؟ بينما يتم التركيز على موضوعات بعينها مثل ( التجميل ) و ( الأزياء ) و ( الديكور ) !! هل يقف دور المرأة في حياتها عند حد الاهتمام بمظهرها فقط ؟!!

إنه لمجافاة للحقيقة أن نقول إن هذه الموضوعات ليس لها حضور في حياة المرأة ، و لكننا نصر في الوقت ذاته على أن هذا الحضور لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يطغى على – فضلا عن أن ( يلغي ) – حضور مواضيع تبني شخصية المرأة حضاريا و فكريا .

و إذن فليس عجيبا أن نسمع امرأة عربية تقول عقب اطلاعها على مجلة عربية : " إنني أشعر بالإحباط " . و ليس صعبا أن ندرك سر هذا الإحباط ، فهو يرجع إلى أحد سببين ، يتعلق كلاهما بثقافة المرأة و وعيها :
الأول : أن المرأة العربية المسلمة التي تفتقد القاعدة الثقافية الأصيلة التي توجهها – و هي تواجه الهالة الإعلامية الهائلة التي تصحب فكر التغريب الموجه للأمة بشكل عام – لابد و أن تشعر بالإحباط بإزاء واقع لا يسمح لها أن تهتم بما تهتم به المرأة العصرية كما تقدمها تلك المطبوعات ، حيث تختار أغلى العطور ، و تركب الفاره من السيارات ، و تسكن القصور الفاخرة ، و تتابع موضة الأزياء أنى اتجهت وسارت ، بينما هي لا تزال أسيرة واقع يرى في خروجها للعمل نشازا فاحشا عن نغم الحياة المعتاد !
الثاني : أن المرأة العربية المسلمة التي تحصل لها قدر كاف من الوعي بحقوقها وواجباتها ، لا بد و أن تصاب بهذا الشعور و هي ترى أن الخطاب الإعلامي الموجه لها يعكس موضوعات تافهة لا تلامس حاجاتها الملحة . إنها ترى أن هذه المواد المطروحة لا تسهم في بناء كينونتها الثقافية التي تنهض على أسس وطيدة من الدين الحنيف و الأخلاق القويمة و القيم الأصيلة ، بقدر ما تسهم في تكريس الواقع المرير الذي تحياه الأمة عامة ، حيث يتجه أفرادها إلى الاهتمام بالمظاهر البراقة عوض الانصراف إلى بناء الجوهر الأصيل .
و إن أسفنا ليزداد يوم أن نعلم أن كثيرا من الجهود المخلصة التي تسعى إلى إيجاد خطاب حقيقي جاد للمرأة تتعثر في سيرها ، أو تلفظ أنفاسها في منتصف الطريق قبل أن توفي إلى غايتها لأنها جهود فردية لا تحظى بالدعم الكافي الذي يكفل لها مواصلة الطريق ، كما أنها بتبنيها الجدية في الطرح لا تقبل إعلانات الشركات العالمية المنتجة للعطور و الأزياء التي تدفع الملايين نظير إعلانات لها في الصحف الأخرى .

إنها مغامرة صعبة فعلا ، و خطيرة و غير مضمونة ، و لكنها جديرة بأن تخاض و يركبَ غمارها المخلصون من أبناء الأمة الذين يحرقهم الشوق إلى الرفعة و السؤدد ! و قديما قال الشاعر :
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى      فما انقادت الآمال إلا لصابر

هي دعوة نتوجه بها إلى العقلاء من أصحاب رؤوس الأموال ، و إلى المصلحين الغيورين من أصحاب النفوذ و أرباب الفكر ، من أجل السعي إلى إيجاد منابر ثقافية تعلي من شأن المرأة كما جاء في الإسلام الحنيف ، و تطرق المهمل من قضاياها المهمة التي ضيعها الجهل بالدين ، و التبعية الحمقاء التي يتبناها أناس محسوبون على الفكر و الثقافة ، و - قبلها - محسوبون على الأمة !

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

جورج جالاوي: أنا فلسطيني.. أنا عراقي.. أنا مسلم !!


أن يعلن شخص ما في الوطن العربي كرهه وعدواته للصهيونية والإمبريالية وينتقد في العلن إسرائيل أو أمريكا ، فليس ذلك بعجيب ، إنما المثير للدهشة أن يفعل ذلك رجل في الغرب .. والأكثر إثارة للدهشة أن يكون نائبا في البرلمان البريطاني ، أي أنه أحد الساسة في البلد الذي أعطى وزير خارجيته يوما وعدا للصهيونية العالمية بأن تنشئ وطنا قوميا لها في فلسطين ..
هذا الرجل ، يقول في مقابلة تلفزيونية أجريت معه في بريطانيا: (هنا ارتُكبَتْ الجريمة الأولى ضد فلسطين يوم وعد (بلفور)، عندما انتزع شعبٌ من شعبٍ آخر أرضَه وأعطاها لشعب ثالث دون أن يستشير الشعوب المعنية بها. هناك دم فلسطيني على الأيدي البريطانية ويجب أن يتوقف، ولذلك نحن نطالب بحظر أسلحة ضد إسرائيل.. يجب ألاّ نبيع أسلحة بريطانية إلى القتلة من أمثال حكومة الجنرال شارون )..
أكثر من هذا أنه في عام 1994 ظهر في بغداد على شاشة التلفزيون العراقي، وألقى خطابا طويلا أمام الرئيس صدام حسين وكبار مساعديه قال فيه: (سيدي، إنني أحيي شجاعتك، وقوتك، ومثابرتك، وأريدك أن تعرف يا سيدي أننا معك حتى النصر.. حتى القدس)!!
إنه جورج جالاوي، البرلماني البريطاني الأنيق دائما والمثير للجدل !
********************
في بريطانيا –بعيدا عن أجواء السياسة– يلقب جورج جالاوي بـ"جورج الفاتن"، بسبب أناقته البالغة، وذوقه الراقي في اختيار ألوان ملابسه، وحياته العاطفية البالغة الإثارة.. وفي الوطن العربي يعرفه الناس بأنه نصير القضايا العربية وعدو الإمبريالية والصهيونية.. أما في أمريكا فهو النائب البريطاني الذي يقلي الشيوخ الأمريكين في النفط، بحسب عنوان ملفت للغاية ظهر في صحيفة (نيويورك بوست) الأمريكية في الثامن عشر من مايو المــاضي عقب مرافعته عن نفســه في مبنــى الكونجــرس الأمريكي (كابيتول هيل)، ضد اتهام وجهته له السلطات الأمريكية بتلقي رشاوى من نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين نظير بعض التسهيلات والتجاوزات في برنامج النفط مقابل الغذاء.
اصر جورج جالاوي على أن يحارب أمريكا في قعر دارها وأن يرد لها الصاع صاعين، فذهب إلى أمريكا مختارا دون إرغام من أحد ليمثل للمحاكمة ، لكنه تحول بعد مرافعة جريئة مليئة بالتحدي إلى رمز جديد لمؤيدي الحركة المناوئة للحرب في أمريكا كما يقول السير سيريل تاونسيند.
وفي مرافعته المتلفزة تلك أمام لجنة فرعية في مجلس الشيوخ الأميركي يرأسها السيناتور الجمهوري (نورمان كولمان) ومكلفة بالتحقيق في قضية برنامج النفط مقابل الغذاء قال جالاوي بصوت ملؤه الثقة والتحدي: (إنكم تحاولون صرف الأنظار عن الجرائم التي ارتكبتموها وعن سرقة مليارات الدولارات من ثروة العراق.. ألقوا بنظرة على فضيحة النفط مقابل الغذاء الحقيقية. ألقوا بنظرة على الأربعة عشر شهرا التي كنتم فيها المسؤولين عن بغداد. تلك الأربعة عشر شهرا الأولى التي لا يعرف فيها مصير 5.5 مليار دولار من ثروة العراق فُقدت أثناء توليكم المسؤولية هناك. ألقوا بنظرة إلى (هاليبيرتون) وغيرها من الشركات الأميركية الكبرى التي لم تكتف بسرقة أموال العراق، ولكنها قامت بسرقة دافعي الضرائب الأميركيين أيضا)!!
كان واثقا من نفسه، إلى الحد الذي جعل أعضاء اللجنة الثلاثة عشر يبدون مرتبكين من كلامه لاسيما بعد أن أدركوا أنهم لم يقدموا أي وثيقة تشير إلى إدانته، فما كان منه إلا أن قال بقوة ألجمت ألسنتهم: (ليس لديك شيء ضدي أيها السيناتور.. ليس لديك سوى اسمي موضوعا وسط قوائم أسماء وردت إليكم من العراق، ومعظمها تم إعداده بعد تنصيب حكومتكم العميلة هناك). وعندما أشاروا إلى أنه التقى صدام حسين قال بهدوء: (لقد قابلت صدام حسين نفس عدد المرات التي قابله إياها رامسفيلد. الفرق بيني وبينه، أن رامسفيلد قابله كي يبيعَه مدافع ولكي يعطيه خرائط تساعده على التصويب الدقيق لتلك المدافع. أما أنا فقد قابلته في إطار محاولتي لوضع حد للعقوبات والمعاناة والحرب)..
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتهم فيها جالاوي بتلقي رشاوى ، بل سبقتها مزاعم نشرتها صحيفة (الديلي تليجراف) البريطانية المحافظة على لسان مراسلها في بغداد (ديفيد بلير) وتلقفتها بالتبعية صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور)، هذه المزاعم بشأن العثور على وثيقة في مخلفات وزارة الخارجية العراقية تشير إلى أن جالاوي حصل من خلال طارق عزيز على عمولات بيع ثلاثة ملايين برميل نفط كل ستة أشهر، بموجب برنامج النفط مقابل الغذاء، يقدر ثمنها بـ375 ألف جنيه استرليني سنويا، ليتضح فيما بعد أن الوثيقة مزورة وأنها مؤامرة ضد الرجل، فقد قالت جريدة (كريستيان ساينس مونيتور) في سياق اعتذار نشرته على صفحة كاملة للنائب البريطاني إن تحليلا كيميائيا أثبت أن المستندات مزورة وتعود إلى فترة ما بعد سقوط بغداد وأنها لم تحرر قبل سنوات كما ادعى أصحابها في جريدة (الديلي تليجراف) ، وليكسب جالاوي بعدها قضية التشهير التي رفعها ضد الأخيرة التي أبت أن تعتذر، ويحصل منها على مبلغ 150 ألف جنيه إسترليني.
إن هذا الرجل –كما هو واضح من تصريحاته في أكثر من محفل– يحمل مبدأ ثابتا لا يحيد عنه ، وهو يضع مبدأه هذا نصب عينيه في كل مايأتي ويذر. فمن ثَمَّ نجده ينتقد رجال السياسة في بلده بعنف ودون حرج إن رآهم مجانبين للصواب، على أن من المهم أن نشير إلى أنه يفعل ذلك بدافع من حبه العميق لبلده. ففي لقاء مع إحدى القنوات الفضائية العربية شبه العلاقة بين توني بلير وجورج بوش بالعلاقة بين كلينتون ومونيكا لوينسكي، فقال له المذيع: ألا تعتقد أن هذا قصف أو وصف قاسٍ بشكل كبير..؟! فأجاب: يجب أن تفهم أنني أحب بلدي وأنا أشعر بالعار من دورها في هذا الوقت، أنا أحب بلدي وأحب ثقافتها وديمقراطيتها وتاريخها السيء والحسن، كنا دولة عظمى والآن تقزمنا.. أنا لا أقول مثل هذا الكلام لأنني أكره بلدي، بل لأنني أحب بلدي، وأكره ما تفعله..!!
إنه يحب بلده بريطانيا لكنه يحب أكثر دولة الحضارة التي تستند إلى الاحترام لكل الشعوب، ويحب الشعوب الأصيلة التي تتكئ على الأخلاق الفاضلة، ويحب القيادة القوية التي تنبني على العدل ورفض الطغيان، ولذا نراه يقول بصراحة وتلقائية في أحد الحوارات التلفزيونية على الهواء موجها حديثه للعرب وقد عاين الظلم والذل والقهر الذي حل بهم: (في بريطانيا حدث ذعر عندما زاد سعر النفط عشرين بنسا بسبب التخوف من الحرب ضد العراق، ماذا لو قال العرب لا يوجد نفط؟ لن نبيعكم نفطا ولن نشتري شيئًا منكم إلى أن يُحرر الفلسطينيون من هذه الانتهاكات الشنيعة التي يتعرضون لها يوميًا، هذا ما أريد أن أسأله العرب، أنا أفعل ما بوسعي هنا وفي بطن الوحش أحارب هؤلاء الذين يعطون السلاح لإسرائيل ويعاقبون العرب في كل مناسبة، ولكن العرب عليهم أن يفعلوا شيئًا أيضًا بأنفسهم.. لا ينفع أن نلوم الأميركان والإنجليز واليهود.. ).
ويضيف أيضا بمنتهى الشفافية والوضوح: (أقول للمستمعين العرب: قبل خمسين سنة كانت أوروبا تتقاتل فيما بينها، وتقتل بعضها بمئات الملايين، ونحن نتكلم لغات عديدة جدًا، عندنا اثنا عشر دينًا، ولا يمكننا التفاهم مع بعض، ولكننا نبني اتحادًا من الشعوب الأوروبية، تصور اتحادًا بين الشعوب العربية مثل الاتحاد الأوروبي، كيف سيُغير هذا العالم العربي؟ Description: up)
هذا الكلام جعل أحمد منصور المذيع في قناة الجزيرة يقول: أنا مصاب بصدمة لأني لم أتخيل إلى الآن أن أسمع هذا الكلام من عضو في البرلمان البريطاني!! في حين اختار مصطفى بكري رئيس تحرير جريدة الأسبوع المصرية أن يقول: (يا سيد جالاوي أنت عربي أكثر منا والله، قل لأصدقائك الذين وقفوا ضد تابع أميركا (توني بلير): أنتم العرب الحقيقيون.. يا سيد (جالاوي) نحن أمة عظيمة لكنهم يريدوننا نعاجًا تساق إلى الذبح، ولكن ثق يا أخي أن لحظة ما في عمر الزمن سوف تأتي وسوف ننتصر وتعود إلينا فلسطين.. والله يا أخي أنت أشعرتنا فعلاً بأننا أمة تستحق بالفعل أن تُباد إن لم تتحرك دفاعًا عن كل شيء..)!! فلا يجد جالاوي ليرد أحسن من أن يقول: (العرب أمة عظيمة يستحقون قيادة عظيمة).
الجدير بالذكر أن جالاوي طرد من حزب العمال في أكتوبر 2003 بسبب اتهامه توني بلير وبوش بأنهما "تصرفا كالذئاب" عندما قاما بغزو العراق ، ليؤسس بعدها حزبا يساريا أسماه (ريسبيكت) –التي تعني في العربية الاحترام- بقصد محاربة التبعية البريطانية لأمريكا، حيث استطاع هذا الحزب الذي يضم خليطا من مختلف التوجهات الدينية والعرقية ترشيح مرشح مسلم للبرلمان الأوربي يدعى (أنس التكريتي) لكنه فشل في الحصول على الأصوات الكافية لدخول البرلمان نتيجة للدعاية المضادة العنيفة ضد جالاوي وحزبه ومرشحه المسلم.
بعد كل هذا ربما يبدو للبعض أن مناصرة جالاوي لقضايا العرب والمسلمين ، إنما هي من باب حب الشهرة والرغبة في التمجيد الشعبي العربي له فقط، لكن المتأمل لكثير من أقواله وأفعاله يتضح له بجلاء أن الرجل صاحب قضية ومبدأ حر، وأن عنصر الخير الذي هو فطرة في الإنسانية جمعاء ينتفض بقوة في حناياه ..
فإن قال ذات يوم في مؤتمر بأمستردام على هامش نشاطاته في مناهضة العدوان الأنجلو أمريكي على العراق، بكل قوة من باب التضامن: أنا فلسطيني، أنا عراقي، أنا مسلم، فإن ذلك ليس بعجيب على الإطلاق!

جالاوي في سطور
-           وُلد في مدينة (داندي) في (اسكتلندا) عام 1954.
-           درس في كلية ( هاريس ) وعمل بستانيا في حديقة بعد أن أنهى دراسته الثانوية ، ثم في شركة لصناعة عجلات السيارات ، وحينئذ بدأ حياته السياسية في حزب العمال .
-           أصبح منسقا عاما لأنشطة حزب العمال في اسكتلندا عام 1977 ثم في عام 1980 رئيسا لفرع الحزب في اسكتلندا .
-           الأمين العام لهيئة مكافحة الحرب ضد الحرمان خلال الفترة 1983 – 1987 .
-           ممثل عن حزب العمال في الفترة ( 1987 – 1997 ) عن منطقة (هيلهد) ، ثم نائب عن(جلاسكو) من العام 1997  حتى الآن.
-           نائب رئس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني عن حزب العمال، ورئيس اللجنة البرلمانية للصداقة بين بريطانيا والبرتغال ورئيس المنتدى البريطاني-العراقي ، ومنسق لجنة الطوارئ الخاصة بالعراق وفلسطين.
-           تزوج جالاوي من إيلين فايف عام 1979 وأنجب منها طفلة ثم طلقها عام 1999 وتزوج في العام التالي من أكاديمية فلسطينية مسلمة هي الدكتورة أميرة أبو زياد التي رفعت عليه دعوى طلاق متهمة إياه بالخيانة طيلة علاقتهما الزوجية .
-           يكتب مقالاً أسبوعيًا في صحيفة (ميل أون صنداي) ومعروف بمواقفه المؤيدة لقضايا فلسطين والقضايا العربية.
-           بدأ جالاوي يلفت النظر إليه منذ عام 1974 بسبب دعمه للقضية الفلسطينية، وبسبب تعليقاته المنتقدة للسياسة الخارجية البريطانية إزاء ليبيا وباكستان وإيران والعراق .

الأحد، 9 أكتوبر 2011

إن القوم يحتكرون!!


من الأمور البدهية أن أي جهة تنوي تنظيم فعالية ما، فردا كانت أو مؤسسة، فإنها ستنظر إلى البارزين من أصحاب العلاقة والخبرة بتلك الفعالية لإحكام التنظيم وضبط الأفكار وضمان حسن سير العمل. البارزون طبعا: هم الذين بَرَّزَتْ بهم أعمالهم من تنظيم لفعاليات مشابهة ومشاركات واسعة عبر سنوات متوالية جعلتهم في الأذهان، لا الذين يقولون صراحة إننا الأفضل فانظروا إلينا..

مع ذلك تعجب لغرابة تفكير بعض الناس الذين ينتمون إلى موضوع تلك الفعالية حين يخرجون ساخطين يقولون: إن القوم يحتكرون!..
يبررون سخطهم بأن الوجوه تتكرر وأنهم في الهامش من كل مشروع.. تعجب لسخطهم حين تعلم أن عطاءهم في الموضوع قليل أو غير ناضج، وأنهم لم يحدثوا أنفسهم يوما بالإمساك بزمام المبادرة، وبينما هم ينتظرون أن يساق إليهم الخبر على طبق من ذهب ليستشاروا أو ليكونوا أعضاء في لجان التنظيم أو المشاركة، ينهض الآخرون بأفكار رائدة لمشاريع عظيمة، ويسعون بأنفسهم إلى كل الجهات لتقديم أفكارهم ورؤاهم.. ومن الطبيعي جدا أنه إذا تكرر كسل الأولين وتكررت مبادرات الآخرين، فإن الوجوه ستتكرر.. وحينئذ ينتفض هؤلاء ليقولوا قولتهم المأثورة: إن القوم يحتكرون !!

ويزداد عجبك أكثر حين تعلم أنهم يملكون الإمكانات المادية، وحين تسمع حديثهم عن أنفسهم بأنهم أصحاب الفكر المتجدد وأن لديهم من الإمكانات الفنية ما يساوي أو يزيد على ما يملكه الآخرون، ثم لا ترى منهم حركة جادة لتحريك ساكن المشهد الذي ينتمون إليه.. فتتذكر حينها قول الحكيم: (إن العاصفة تستطيع أن تقتلع مدينة لكنها لا تستطيع أن تحل عقدة خيط)!!

فهل يوجد عاقل في الدنيا يعتقد أن فلانا من الناس (مثلا) يحتكر الكلام لأنه (أي الأول) أبكم أو لا يجيد فن الكلام أو يدمن الصمت منكبّاً على نفسه؟ وهل في الدنيا عاقل يقول إن فلانا يحتكر السفر لأنه (أي الأول) لايفكر في السفر مطلقا؟.. مع ملاحظة أن (فلانا) المتهم بالاحتكار يتكلم بفمه ولا يستعير أي لسان، ويدفع تكاليف سفره من ماله الخاص !!

ثمة أسئلة كثيرة ينبغي أن يطرحها هؤلاء على أنفسهم عوض اتهام الآخرين جزافا بتهم جاهزة معلبة كهذه: هل أنت صاحب معرفة حقيقية أو مشروع جاد؟ هل منعت من التفكير والابتكار والمبادرة إلى مشاريع مماثلة؟ أليس من حق صاحب أي مشروع ان يختار من يشاء: مشرفا عليه أو عضوا منظما فيه أو عضو مشاركا؟..

نصيحتي لهؤلاء إن كانوا أصحاب مشاريع جادة أن يمسكوا بزمام المبادرة، و أن يتفاعلوا مع كل الأجيال القديمة والحديثة لأخذ خبرات مجتمعة، و أن يرسموا صورة اخرى مغايرة لمشهدهم، و أن يحددوا أهدافهم بوضوح حتى لا يحسبون أنفسهم على شيء بينما هم واقعون في عبث فارغ، وقديما قال الحكيم: (إذا لم تكن تعرف أين تذهب، فكل الطرق تؤدي إلى الهدف)!