الأحد، 30 ديسمبر 2012

الذين يخافون علينا ..


عندما كان أبي يوقظنا لصلاة الفجر أيام الشتاء، كنا نمعن في الاختباء تحت اللحاف الغليظ، نشده على أجسامنا بالرأس والرجلين، حفاظا على الدفء الذي أفسده البرد المتسلل لواذا من فتحة هنا أو هناك، وطلبا للأمان من العصا التي ستتسلل إلينا حتما، فلم يكن أشقَّ علينا من النهوض في تلك اللحظة!
وكان لسان الحال: يا لقسوتك يا أبي..
لم يكن يخطر ببالنا أن أبي يفعل ذلك، لأنه يخاف علينا من التقصير في حق الله، و من شؤم المعصية، و من اطمئنان إلى الدنيا، و ركون إلى الكسل والخمول!
الآن و قد أدركت أن من يوقظني للصلاة أو ينبهني عليها فإنما يخاف عليّ،
أقول لهم جميعا: شكرا، وجزاكم الله خيرا ..
شكرا لكما أبي وأمي: نضر الله وجهيكما، ودمتما في عافية وإيمان،
شكرا لإخوتي: جعل الله الألفة بيننا رباطا على الخير،
شكرا لزوجتي التي أيقظتني هذا الصباح : بارك الله فيك وحفظك أينما كنت..
شكرا ثم شكرا لا بنتي التي تقول إذا أذَّن للصلاة: باباه.. أنت بتروح تصلي ؟ .. أسأل الله أن ينبتك نباتا حسنا ، وأن يكتبك في الصالحين..

الثلاثاء، 25 ديسمبر 2012

من بلدنا ..


لأمر ما اختارت شركة المراعي المعروفة في دعاية لأحد منتجاتها من الجبن هذه العبارة: "جبنة المراعي من بلدنا"،
ولأمر ما يفضل الناس في بلادنا وغيرها مجموعة من المنتجات الغذائية يُلحق اسمها بصفة (البلدي) كالسمن والعسل واللحم والخبز، بل ويرفضون أي مجال للمقارنة مع أشباهه مما يستورد من خارج الحدود.
ولأمر ما يقول لنا آباؤنا ساخرين عند الإشارة إلى جودة نوع من أنواع السمن (مثلا): "إنه ليس سمنا عمانيا على أية حال"..
تذكرت هذه الخواطر، وأنا أدخل إلى سوق (بهلاء) الذي يشدني إليه دائما شعوري بأنني في مكان (عماني) 100% !!..
الباعة عمانيون، ومنتجات كثيرة من الخضراوات واللحوم وبعض الفواكه محلية، وشعور في كل أرجاء المكان يراودك بأنك تنتمي إليه، و أن كل ما في المكان من باعة وسلع ومباني وأناس تسير وتجيء هو أيضا ينتمي إليك..






الأحد، 23 ديسمبر 2012

بعض (اليُتْمِ) يدار بالحكمة !

في فترة (العزوبية..
حين يرى الرجل أقرانه، يفضي كل منهم إلى زوجه وأولاده، فيما هو خِلْوٌ من هذا كله، ينتابه شعور (باليتم).. ويقول في نفسه مريدا للحياة: (يا ليت لي مثل ما أوتوا)، وربما تلا بصوت خاشع متصدع: "رب إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير"..
فإذا تحقق له ذلك، وجبر الله كسره وجمع أشتاته في حياة زوجية كاملة، وجد نفسه في غمرة ارتباطات والتزامات وأمور لم يعهدها من قبل، وما يلبث أن يرى بعض أقرانه الذين ما زالوا خارج هذا الإطار، يسيرون ويجيئون كالطير الحر"لا يسأل عما يفعل"، فيتذكر أيام العزوبية بحنين بالغ.. ويقول في نفسه: "يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما"..
فإذا تحقق له ذلك (مؤقتا)، وأصبح فجأة (عزابيا) لسبب من الأسباب.. عاد له الشعور (باليتم)، وهو هنا شعور مضاعف لا يوصف..
سبحان الله!
المؤكد أن العاقل لا يحب أن يلبث طويلا في (اليتم العاطفي) – إن صح التعبير - باختياره، ولكنه كذلك لا يسعى مختارا إلى أن تكون حريته مقيدة.. وحيث إن الزواج أمر ضروري ومهم – عاجلا أم آجلا – وأغلب الناس – إن لم يكن كلهم – صائرون إليه لأنه موقف بشري جميل ونبيل أصلا، فإن الحكمة في إدارة الحياة الزوجية هي التي تكفل للزوجين حياة سعيدة.. وهنا يستطيع الزوجان الحكيمان أن يتفهم كل منهما – باقتدار بالغ - حاجات الطرف الآخر خارج إطار حياتهما المشتركة، وأن لكل منهما بجانب هذه الشراكة الجميلة؛ حياةً خاصة ينبغي أن يحياها بما يرضي الله ويحفظ له شخصية متوازنة تأتي بما ينفع الناس و يمكث في الأرض..