الأحد، 15 أبريل 2012

جلسة تفكر


أفسح المجال

لي و لكم

لنتفكر في معاني حكمةٍ بالغةٍ

مررت عليها قبل قليل في ثنايا مقال عن التفكر..

//

"إني لأخرج من منزلي
فما يقع بصري على شيء
إلا رأيت عليّ فيه نعمة ، و لي فيه عبرة!"

//

( أبو سليمان الداراني )

الاثنين، 9 أبريل 2012

.. عن المُشَيِّشين وشركائهم ..


إن العجبَ كلُّ العجبِ من إنسانٍ ينتقي لنفسه أفضلَ الثياب، ويختارُ أطيبَ العطورِ وأحسنَ الأطياب، ويكره أن يُذكر بين الناسِ بقُبح المنظر وخِسَّةِ الجوهر، أو يُعرف بينهم بنَتَنِ الرائحة ثم سوءِ المعشر.. يكره أن يرى الناسُ على وجهه بقيةً من مُخاط، ويستحْيِي أن يَخْرُجَ من البيت بعد النوم إلا بعد أن يستاك ويحتاط، ليتخلصَ من رائحةِ فمهِ الكريهة و يُصْلحَ هيئتَه فلا تبدو إلا الجميلة النزيهة..
إن العجبَ من هذا الإنسانِ أنه يسعى بنفسه مختارا غير مُجْبَرٍ إلى تلويثِ فَمِه برائحةِ السيجارة والشيشة أو الخمور والمخدرات، وتلويثِ عقلِه بما حرم اللهُ وعابَه الناس ونَفَرَ منه الخُلُقُ القويم والنَّسَبُ الكريم والروحُ العفيفةُ والسيرةُ الشريفة..

وقد روي أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نهى من أكل بصلا أو ثوما أن يقرب المسجد لئلا يؤذي الناس.. جاء ذلك في المروي عنه صلى الله عليه وسلم، إذ يقول: "من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئا فلا يقربنا في المسجد، فقال الناس: حرمت حرمت، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أيها الناس إنه ليس لي تحريمُ ما أَحَلَّ الله لي، ولكنها شجرةٌ أكرهُ ريحها " وجاء ذلك أيضا فيما يروى عن عمر رضي الله عنه أنه خطب يوم الجمعة فقال في خطبته: " إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين: البصل والثوم! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع ، فمن أكلهما فليُمِتْهُما طبخا" ..

إذا كان المصطفى صلوات ربنا وسلامه عليه، نهى آكل (البصل والثوم) وهما حلال عن (دخول المسجد) وهو أمر مرغب فيه أيما ترغيب، فماذا يقال عن من يصبح ويمسي على سيجارة في فمه كأنها لسانه الذي يتكلم عنه، ومن سهر الليالي وقصد المقاهي وعرفته الحواري الضيقة أو (السيوح) المظلمة معاقرا للشيشة حاضنا إياها بكلتا يديه كأنها أحد أبنائه، ومن أمضى زهرة عمره متعاطيا للخمور كأنها مما يتقرب به إلى الله (أستغفر الله)، ومن غَيَّب نفسه عن الدنيا بمخدرات تذهب بصحته الجسمية والعقلية، وتؤذيه في ماله وعياله ..

ماذا يقال عن هؤلاء، وماذا يقال لآبائهم الذين سكتوا عنهم إذ عاينوا غيابهم عن البيت الساعات الطوال فما جلسوا إليهم و لا هم ينصحون، وأهملوا سؤالهم عن أصدقائهم ومن يصاحبون، كأنهم "لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"، ثم عرفوا منهم المعيب من القول والفعل فما حركوا ساكنا كأنما لا يعنيهم من أمر فلذات أكبادهم شيء.. فلا حول و لا قوة إلا بالله ..

يا إخوتَنا وأحبابَنا ممن وقع في هذه الأمور:
اتقوا الله في أنفسكم وذويكم، و تجنبوا ما حرم الله، وتوبوا إليه قبل أن يأتيكم الموت "أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ.. نسأل الله لنا ولكم الهداية والثبات، وأن يبلغنا –جميعا- عالي الجنات.. فاقبلوا النصيحة من قلوب تحبكم وترجو لكم الخير في الدنيا والآخرة..

يا آباءَنا وأهلَنا الكرام:
أبناؤكم فلذات أكبادكم.. إن لم تسألوا عنهم فمن يسأل، وإن لم توجهوهم فمن يفعل.. أشعروهم بمحبتكم لهم وسلوهم عن صحبتهم، وقدموا لهم النصيحة قبل أن تأتي الفضيحة، وعاملوهم بالتي هي أفطن وجادلوهم بالتي هي أحسن؛ تجدوهم عند الشدائد ذخرا، ويكونوا لكم ولمجتمعهم عزا وفخرا..



الأحد، 8 أبريل 2012

.. إعلانات خطيرة .. !!


قرأت مؤخرا عن رجل قرر أن يعرض بعض أجزاء من وجهه للإيجار لأي شركة ترغب في ذلك لأغراض دعائية عن طريق الوشم عليه بالمنتج الذي تود الشركة التسويق له، وقد حدد لكل مكان من وجهه سعرا كما هو شأن الصحف والوسائل الإعلامية الأخرى التي يتحدد سعر الإعلان فيها بحسب المكان أو الزمان أو الحجم أو غيره من العناصر التي يعرفها المشتغلون بالتسويق والدعاية..
ساق الموقع الإلكتروني هذا الخبر على أنه خبر عجيب، وهو فعلا كذلك!.. ليس لأنه أتى بشيءٍ غيرِ مُتَخَيّل، بل لأنه انتقل إلى مستوى المباشرة في الطرح، وإلا فإن كل شخص منا هو -في الحقيقة- مؤسسة للدعاية المتحركة –إن صح التعبير-، تُسَوِّقُ للمختزن من ثقافة وقيم وأخلاق.

من هنا كان تأكيدُ الملهمين في تاريخ الإنسانية على أهمية عقد الشراكات الناجحة في مشروعات الحياة السياسية أو الاجتماعية أو العلمية أو الاقتصادية وغيرها، إنما هو من باب اختيار الآلة أو الواجهة الإعلانية المناسبة لكي تعلن لنا أو عنا بصدق دون تزييف، ونطمئن إلى أن ما تقوم به من تسويق في الاتجاهين هو ما نرجوه لأنفسنا من خير. وعلى هذا فهي أهمية عظمى، انتبه لها الحكيم الذي خَلَّد لنا حكمته العظيمة (قل لي من تصاحب؟ أقل لك من أنت)، وعرفها الذين يقولون فيما يشبه المثل (الضيف بقدر المضيّف)، وأدركها الذي قال يوما: (لكل ساقطة لاقطة).. لذا ينبغي أن يحسب لها القَيِّمون على المجتمعات والفاعلون فيها حسابا كبيرا.

لكن الذي يؤسف له، أن ثمة أشخاصاً في بلادنا لا يقيمون وزنا لهذا كله، بل يجنحون إلى وسائل إعلامية رديئة لتنشط في مجتمعنا الذي طالما شُهِرَ أفراده بين الناس بالخلق الفاضل الجميل؛ فتعلن فيه عن كل ما يفسد عليه هذا البناء القيمي، وتعلن -في المقابل- عن أفراده أو بعضهم أنهم أناس متخلفون في غاية السذاجة، ونحن في الحالين في خسارة مؤكدة!!

وهؤلاء الأشخاص هم المسؤول الذي يفتح باب السياحة على مصراعيه دون قانون يراعي أعراف المجتمع وتقاليده، والمسؤول الذي يُرْخي العِنان للشركات العالمية أو غيرها لتضع في إعلاناتها التجارية ما تشاء مما يناسب ثقافة المجتمعات التي نشأت فيها ضاربة عرض الحائط بقيم وأخلاق مجتمعنا المحافظ، والمسؤول الذي يفتح أبواب المؤسسة التربوية لتكون محلا لأنشطة وفعاليات تتعارض مع فلسفة البناء التربوي وعناصر نسيجه، والمسؤول الذي يعيد تعريف مفردات من مثل (التنمية) و(التنوير) و(الانفتاح على الآخر) و(الديمقراطية) و(تعادل القوى) بما يجعل من الفعاليات الثقافية والفنية والترفيهية منفذا لدخول المنسوبين إلى الفن زورا، والمحمولين على أكتاف الثقافة بهتانا، والمترفين في الملاهي ترفا ساقطا لا يعود على المجتمع منه إلا ظلمات بعضها فوق بعض!

هؤلاء الأشخاص مع بالغ الاحترام لأشخاصهم، ومع التأكيد على الحرية المطلقة لكل منهم في اختيار قناعاته الشخصية، فإنهم يسهمون بسلوكهم هذا في نسف مقدرات هذا البلد من عادات طيبة وأعراف حميدة وتقاليد خيرة.. وهنا ينبغي أن يقف لهم أبناء الوطن المخلصين، ليقولوا لهم: (كفى)!.. حرياتكم الشخصية أيها المسؤولوون تنتهي عندما تبدأ حرية المجتمع الذي توافق على قيمه وأخلاقه، وصلاحياتكم تتوقف عندما لا تعود مشاريعكم بالصلاح على هذا الوطن!