الاثنين، 9 أبريل 2012

.. عن المُشَيِّشين وشركائهم ..


إن العجبَ كلُّ العجبِ من إنسانٍ ينتقي لنفسه أفضلَ الثياب، ويختارُ أطيبَ العطورِ وأحسنَ الأطياب، ويكره أن يُذكر بين الناسِ بقُبح المنظر وخِسَّةِ الجوهر، أو يُعرف بينهم بنَتَنِ الرائحة ثم سوءِ المعشر.. يكره أن يرى الناسُ على وجهه بقيةً من مُخاط، ويستحْيِي أن يَخْرُجَ من البيت بعد النوم إلا بعد أن يستاك ويحتاط، ليتخلصَ من رائحةِ فمهِ الكريهة و يُصْلحَ هيئتَه فلا تبدو إلا الجميلة النزيهة..
إن العجبَ من هذا الإنسانِ أنه يسعى بنفسه مختارا غير مُجْبَرٍ إلى تلويثِ فَمِه برائحةِ السيجارة والشيشة أو الخمور والمخدرات، وتلويثِ عقلِه بما حرم اللهُ وعابَه الناس ونَفَرَ منه الخُلُقُ القويم والنَّسَبُ الكريم والروحُ العفيفةُ والسيرةُ الشريفة..

وقد روي أن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نهى من أكل بصلا أو ثوما أن يقرب المسجد لئلا يؤذي الناس.. جاء ذلك في المروي عنه صلى الله عليه وسلم، إذ يقول: "من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئا فلا يقربنا في المسجد، فقال الناس: حرمت حرمت، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أيها الناس إنه ليس لي تحريمُ ما أَحَلَّ الله لي، ولكنها شجرةٌ أكرهُ ريحها " وجاء ذلك أيضا فيما يروى عن عمر رضي الله عنه أنه خطب يوم الجمعة فقال في خطبته: " إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين: البصل والثوم! لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى البقيع ، فمن أكلهما فليُمِتْهُما طبخا" ..

إذا كان المصطفى صلوات ربنا وسلامه عليه، نهى آكل (البصل والثوم) وهما حلال عن (دخول المسجد) وهو أمر مرغب فيه أيما ترغيب، فماذا يقال عن من يصبح ويمسي على سيجارة في فمه كأنها لسانه الذي يتكلم عنه، ومن سهر الليالي وقصد المقاهي وعرفته الحواري الضيقة أو (السيوح) المظلمة معاقرا للشيشة حاضنا إياها بكلتا يديه كأنها أحد أبنائه، ومن أمضى زهرة عمره متعاطيا للخمور كأنها مما يتقرب به إلى الله (أستغفر الله)، ومن غَيَّب نفسه عن الدنيا بمخدرات تذهب بصحته الجسمية والعقلية، وتؤذيه في ماله وعياله ..

ماذا يقال عن هؤلاء، وماذا يقال لآبائهم الذين سكتوا عنهم إذ عاينوا غيابهم عن البيت الساعات الطوال فما جلسوا إليهم و لا هم ينصحون، وأهملوا سؤالهم عن أصدقائهم ومن يصاحبون، كأنهم "لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"، ثم عرفوا منهم المعيب من القول والفعل فما حركوا ساكنا كأنما لا يعنيهم من أمر فلذات أكبادهم شيء.. فلا حول و لا قوة إلا بالله ..

يا إخوتَنا وأحبابَنا ممن وقع في هذه الأمور:
اتقوا الله في أنفسكم وذويكم، و تجنبوا ما حرم الله، وتوبوا إليه قبل أن يأتيكم الموت "أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ.. نسأل الله لنا ولكم الهداية والثبات، وأن يبلغنا –جميعا- عالي الجنات.. فاقبلوا النصيحة من قلوب تحبكم وترجو لكم الخير في الدنيا والآخرة..

يا آباءَنا وأهلَنا الكرام:
أبناؤكم فلذات أكبادكم.. إن لم تسألوا عنهم فمن يسأل، وإن لم توجهوهم فمن يفعل.. أشعروهم بمحبتكم لهم وسلوهم عن صحبتهم، وقدموا لهم النصيحة قبل أن تأتي الفضيحة، وعاملوهم بالتي هي أفطن وجادلوهم بالتي هي أحسن؛ تجدوهم عند الشدائد ذخرا، ويكونوا لكم ولمجتمعهم عزا وفخرا..



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق