الاثنين، 31 مارس 2014

رسائل اللحظة الأخيرة ..

·      من عداوة الشيطان للإنسان ألا يكتفي بتزيين الرذيلة المحرمة في الدين والمجتمع؛ بل يمعن في تقبيح الفضائل الاجتماعية والدينية المباحة !

·      من بالغ ضعف الإنسان أن يغتر بنفسه. إن الغرور ضعف نفسي، وربما كان كذلك لأنه مشدود -بشكل أو بآخر- بحبل من الشيطان. "إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا" !

·      ليس كل طيِّب ودود غافلا ساذجا، وليس كلُّ ساذج غافل غبيا غير يقظان.. كم من نائم وهو يقظان؛ "ينام بإحدى مقلتيه ويَتَّقِي|بأخرى الأعادي، فهو يقظانُ نائمُ" !!

·      حين يتطلّع الإنسانُ إلى الحرام؛ فإنه لا يأتيه إلا مُجْرِما؛ يرسل عينا غير غضيضة، ويداً غير مغلولة، وفؤادا يجعل ربه نسْياً مَنْسِيّا، كأن الله لم يقل له يوما: "وما كان ربُّك نَسِيّا".

·      وحين " تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ"، وتأتي فرص التوبة زرافات ووحدانا إلى الناس فلا " تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا"، أو يستقبلونها " كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ"؛ فهل يقعد الواحد منهم بعدها إلا ملوما محسورا؟ " وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مُنْتَصِرًا"!!

·      بعض (الجَمَال) عزيز؛ لا يقرأه، ولا يراه، ولا يسمعه إلا من سجد واقترب!

·      أحيانا.. لا شيء كالنظرة عن كثب؛ يكشف لك جَمَال الشيء أو عدمه، و لا ينبئك مثل خبير !

·      من قبح (القبيح) أن يلبس لبوس (الجمال).. ومن قبحه أكثر؛ أن تنجلي حقيقته بمجرد الاقتراب منه!

·      يفلح كثيرا من يُسيّج علاقاته بالناس بالتغافل حينا والحذر حينا آخر. التغافل.. مكمنُ الراحة من أخطائهم، والحذر .. مأمنٌ من مآزقَ مفاجئة بينهم!

·      بين الانتماء إلى (القبيلة) و تبني (القبليّة)؛ فَرْقُ ما بين (الهُوِيَّة) و (الهُوَّة)..

·      لا بأس من معالجة التفاصيل صغيرة باهتمام كبير ؛ فقد تنجيك غداً من هم أكبر، وتسوقك إلى إنجاز أخضر!!

·      أحيــانا .. يلبس | الغرور | أو |الأنا| لبـــاس (المظلومية) !!

·      حفاظا على صدارة رأيه؛ ما أسهل كلمة (الكل) عند (البعض) من الناس!!

الثلاثاء، 11 مارس 2014

حول قراءة الإسماعيلي لكتاب (الاستبداد مظاهره ومواجهته) ..

تعليقا على مقال للكاتب أحمد الإسماعيلي، منشور في صحيفة البلد الإلكترونية حول كتاب (الاستبداد مظاهره ومواجهته) لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة؛ وتجدونه هنا:

***
 أشكر للكاتب لغته الجميلة، وأسلوبه الذي انساب سلسا من بدء المقال إلى منتهاه؛ وأقف عند النقاط الآتية:

·      يرتب الكاتب على قول مؤلف الكتاب: "تحول الحكم في الإسلام إلى نظام كسروي قيصري" النتيجة التالية: "فالإسلام الذي أتى نورا للبشرية انحرف أتباعه مباشرة بعد سنوات معدودات" وهذا غير صحيح.. فكلام المؤلف لا يعني به إلا الطبقة السياسية الحاكمة التي أشار غير مرة إلى أن لها معارضين كثرا في المجتمع. وبالتالي فهذا لا ينبغي أن يحيل إلى  ما تعامل معه المستشرقون على أنه إشكال في واقعية الإسلام، فضلا عن كونه: لا يبرره!

·      ربط مفهوم مفهوم (العدل)العدل بالتقوى يبرره أن المؤلف يتكلم عن مجتمعات إسلامية، يفترض أن تكون الحاكمية فيها لله، وقد أقر هذا كاتب المقال في قوله:"الحاكمية لله مع إقرارنا بذلك طبعا"!.. على أن ثمة فرقا شاسعا لا يخفى على مثل صاحب قلم كهذا بين ربط مفهوم العدل بالتقوى، وبين ما يسميه غلقا للمفهوم في إطاره فقط لأن المؤلف لم يتحدث عن موارد أخرى يرتبط بها المفهوم المذكور.

·      مقارنة نظام (الإمامة) في فتراته السابقة بالنهضة العمانية الحديثة مقارنة غير عادلة. الأولى أن تقارن بما زامنها من أنظمة حاكمة. على أن ما ينظر إليه كأخطاء في ملفات عديدة لا يمكن تقييمه بمعزل عن الواقع السياسي الذي ظهرت فيه دولة الإمامة لا سيما في فتراتها المتأخرة، ومع ذلك فإن القول بأنها لم تستطع تقديم (إصلاحات هامة) في ملفات عديدة يظل كلاما مرسلا يحتاج إلى مزيد من التفاصيل.

·      في رأيي أنه لا إشكال حقيقيا بين مفهوم (المواطنة) ونظريات (الولاء والبراء)؛ فالمسلمون من مواطني الدولة المسلمة ليسوا بالضرورة محل ولاية متفقا عليه، وغيرهم كذلك، ليسوا محل (براءة) متفقا عليه.. وكما أن للمسلمين درجات من الولاية والبراءة؛ فإن لغيرهم –والله أعلم- درجات من المودة والتعامل بالحسنى، كمثل ما يشير إليه قول الله تعالى: " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ "، يضاف إلى هذا ما يمكن أن يستنتج من عيش اليهود جنبا إلى جنب مع المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

·      هل نفهم من إيراد كاتب المقال (رواية خلع الإمام الجلندى بن مسعود لبكائه على أقاربه رحمة وشفقة عليهم) في سياق تساؤله عن (إمكانية العقل الديني أن يقدم أنموذجا نظريا على الأقل منسجما مع روح الإنسان والتشريعات الحديثة) أن ما حصل كان منافيا لروح الإنسان والتشريعات الحديثة؟ .. إذا كان ذلك كذلك؛ فقريب من هذا ما أحسب أن المحاكم المدنية الحديثة تقره اليوم –|وأنا لست قانونيا بالمناسبة|- من ضرورة حيادية القضاة، أعني من حيث صلتهم بالمحكومين، فلا يكون قريبا ذا نسب، ولا بعيدا ذا عداوة!

·      أخيرا .. ارتباطا بتساؤل الكاتب الذي أشرت إليه في النقطة السابقة، فإنني أتساءل: هل كان كل ما قدمه العقل الديني |في مسيرته كلها| ضد الإنسانية وروحها، حتى يكون منطقيا |في المقابل| أن نتساءل عن إمكانية تقديمه لأطروحات تنسجم مع روح الإنسان الحديث؟!!

الأحد، 2 مارس 2014

يحيا بطل السبورة !

في غمرة الحديث عن (يوم المعلم)؛ جعل بعض المعلمين العبارة أعلاه مُعَرِّفاً للحالة في تطبيق المراسلات النصية المعروف (الواتساب). لأمر ما؛ تأثرت، ولأسباب كثيرة؛ ترقرقت الدمعة في عيني حين أقبلت زوجتي حاملة باقة من الزهور، هديةً من طالباتها اللائي فاجأنْها بها في اليوم المذكور؛ عرفانا منهن بجميلٍ حفظنه لمقام المعلم في شخصها. لقد فعلن ذلك في وقتٍ ينسى فيه جميل المعلم وفضله الكثيرون ممن لا يَنْفَكُّ عنهم - أينما حلّوا وساروا – فضله وإحسانه.. مرَّ عليه الطبيب والمهندس والشرطي، ومرّ عليه المزارع والصياد والبنّاء، حتى الوزير ومن يعلوه في المراتب.. كلهم مرّوا على المعلم، فاستظلوا بظله الوارف، ثم خرجوا من تحت جناحه محمَّلين بالغنائم، فمن ثَمَّ كان حكمةً بالغةً قولُ القائل: "من علمني حرفا صرت له عبدا"!

أي نعم.. حيّا الله بطلَ السُّبورة الذي طالما تأذّى من غبار الطباشير، وتعب من الإمساك بالأقلام، وتلطخت يداه بالمداد وغيره من أدوات التدريس، ورجع إلى بيته بوجهٍ متعبٍ ومظهرٍ تناولته الحصصُ الطوال، وأعباء إدارية ثقال، وقيل وقال يأتيه من طلابه وزملائه وإدارة مدرسته. حياه الله، وحيا مِشْيَتَه إلى مدرسته نشيطا مبتسما، يسأل الله أن يعينه على أداء رسالته العظيمة، لتلاميذ منهم المحب للعلم ومنهم الكاره، ومنهم ذو الخُلُق ومنهم ذو النَّزَق؛ فيقول يُسْراً للمحسن، ويكظم غيظه ويعفو عن إساءة المسيئ، ويلتمس الأجر من الله، ويحتسب ما قدمه وفاءً تجاه دينه ووطنه وأمته.

إن التعليم بطولة، لأن العلم عظيم، ولا يقوم بحقه إلا عظماء النفوس، الذين يبذلون أنفسهم وأوقاتهم في سبيل أن تصل المعلومة الصغيرة إلى طالب عصي الفهم، فضلا عن أشكال مختلفة من العلم النافع تساق إلى غيره من الطلاب.

لقد ذكرتني جملة (يحيا بطل السبورة) بفيلم إنساني عميق المعنى بالغ العبرة، كنت قد شاهدته منذ زمن، عنوانه (السبورات السوداء)، تدور أحداثه حول معلمين يحملان (سبورتين سوداوين) على ظهريهما، ويجوبان بهما القرى والمنحدرات الجبلية الوعرة والخطرة، بحثا عن تلاميذ يعلمانهم القراءة والكتابة نظير أجر زهيد يسد الجوع ويعين على شظف المعيشة، في بلادٍ أهلكت الحرب فيها الحرث والنسل. ينتهي المعلمان إلى رفضٍ لخدماتهما التعليمية من كل من يصادفانه، أطفالا وشبابا وشيبا، بسبب الحرب وما تفرزه من أوضاع اقتصادية واجتماعية. ويفقد أحدهما حياته في انفجار من أجل أن يعلم صبيا واحدا كتابة اسمه، بينما يفقد الآخر (سبورته السوداء)، بعد أن ساقته الأقدار للزواج من امرأة لا زوج لها ضمن مجموعة مهاجرة، أملا في أن يعلمها القراءة والكتابة، فكانت السبورة مهرها المؤجل حين اضطر لتطليقها بعد أن رأى منها الصد والهجر!!

في الفيلم رسائل إنسانية وفكرية شتى، ولكن الذي يعنيني منها هنا هو بطل السبورة، الذي ينبغي أن ننظر إليه -دائما وأبدا- كقيمة مضافة وعنصر غال وثمين، وأن نهيئ له الأسباب ليظهر ويتألق، وأن نعزز وضعه النفسي والاقتصادي والاجتماعي حتى يكون منارا عاليا تهتدي بنوره الأجيال.