الثلاثاء، 11 مارس 2014

حول قراءة الإسماعيلي لكتاب (الاستبداد مظاهره ومواجهته) ..

تعليقا على مقال للكاتب أحمد الإسماعيلي، منشور في صحيفة البلد الإلكترونية حول كتاب (الاستبداد مظاهره ومواجهته) لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة؛ وتجدونه هنا:

***
 أشكر للكاتب لغته الجميلة، وأسلوبه الذي انساب سلسا من بدء المقال إلى منتهاه؛ وأقف عند النقاط الآتية:

·      يرتب الكاتب على قول مؤلف الكتاب: "تحول الحكم في الإسلام إلى نظام كسروي قيصري" النتيجة التالية: "فالإسلام الذي أتى نورا للبشرية انحرف أتباعه مباشرة بعد سنوات معدودات" وهذا غير صحيح.. فكلام المؤلف لا يعني به إلا الطبقة السياسية الحاكمة التي أشار غير مرة إلى أن لها معارضين كثرا في المجتمع. وبالتالي فهذا لا ينبغي أن يحيل إلى  ما تعامل معه المستشرقون على أنه إشكال في واقعية الإسلام، فضلا عن كونه: لا يبرره!

·      ربط مفهوم مفهوم (العدل)العدل بالتقوى يبرره أن المؤلف يتكلم عن مجتمعات إسلامية، يفترض أن تكون الحاكمية فيها لله، وقد أقر هذا كاتب المقال في قوله:"الحاكمية لله مع إقرارنا بذلك طبعا"!.. على أن ثمة فرقا شاسعا لا يخفى على مثل صاحب قلم كهذا بين ربط مفهوم العدل بالتقوى، وبين ما يسميه غلقا للمفهوم في إطاره فقط لأن المؤلف لم يتحدث عن موارد أخرى يرتبط بها المفهوم المذكور.

·      مقارنة نظام (الإمامة) في فتراته السابقة بالنهضة العمانية الحديثة مقارنة غير عادلة. الأولى أن تقارن بما زامنها من أنظمة حاكمة. على أن ما ينظر إليه كأخطاء في ملفات عديدة لا يمكن تقييمه بمعزل عن الواقع السياسي الذي ظهرت فيه دولة الإمامة لا سيما في فتراتها المتأخرة، ومع ذلك فإن القول بأنها لم تستطع تقديم (إصلاحات هامة) في ملفات عديدة يظل كلاما مرسلا يحتاج إلى مزيد من التفاصيل.

·      في رأيي أنه لا إشكال حقيقيا بين مفهوم (المواطنة) ونظريات (الولاء والبراء)؛ فالمسلمون من مواطني الدولة المسلمة ليسوا بالضرورة محل ولاية متفقا عليه، وغيرهم كذلك، ليسوا محل (براءة) متفقا عليه.. وكما أن للمسلمين درجات من الولاية والبراءة؛ فإن لغيرهم –والله أعلم- درجات من المودة والتعامل بالحسنى، كمثل ما يشير إليه قول الله تعالى: " لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا ۖ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ "، يضاف إلى هذا ما يمكن أن يستنتج من عيش اليهود جنبا إلى جنب مع المسلمين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.

·      هل نفهم من إيراد كاتب المقال (رواية خلع الإمام الجلندى بن مسعود لبكائه على أقاربه رحمة وشفقة عليهم) في سياق تساؤله عن (إمكانية العقل الديني أن يقدم أنموذجا نظريا على الأقل منسجما مع روح الإنسان والتشريعات الحديثة) أن ما حصل كان منافيا لروح الإنسان والتشريعات الحديثة؟ .. إذا كان ذلك كذلك؛ فقريب من هذا ما أحسب أن المحاكم المدنية الحديثة تقره اليوم –|وأنا لست قانونيا بالمناسبة|- من ضرورة حيادية القضاة، أعني من حيث صلتهم بالمحكومين، فلا يكون قريبا ذا نسب، ولا بعيدا ذا عداوة!

·      أخيرا .. ارتباطا بتساؤل الكاتب الذي أشرت إليه في النقطة السابقة، فإنني أتساءل: هل كان كل ما قدمه العقل الديني |في مسيرته كلها| ضد الإنسانية وروحها، حتى يكون منطقيا |في المقابل| أن نتساءل عن إمكانية تقديمه لأطروحات تنسجم مع روح الإنسان الحديث؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق