الأربعاء، 18 مايو 2016

الكلمة والحكمة ..


أَلْقِ (الحكمة)،
وربما يلتقطها بعض السيّارة إلى عرش عظيم !

**

(الكلمة)
التي لا تَشْفي؛
قد تبعث على المرض!

**

قد يفتح الله بتأليف (الكتاب) من الألفة والمودة بين الناس؛
ما لا يَفتح ببذل الأثرياء أو بفعل الساسة!

**

بعض الكلام كالدواء؛
يصلح لشيء من العِلل أو المواضع، دون غيرها.
لاحظ أن ما تُسقى إياه في الأذن، قد يَمُجُّه الفم! ..
ومثل هذا ما تسمعه من كلام هنا وهناك؛
فقد يكون غير سائغٍ أن تجعله مادةً لكلامك.
إنما قيمته
في الاستماع إليه، والتعرف عليه؛
لا في التكلُّم به!

**

كل سؤالٍ لا يمُدّك بجديد أو مفيد؛
فَدَعْهُ،
وأفسح الطريق لسؤال غيره!

**

بعض الكلام
يذوي ( وربما يموت ) ؛
إذا تَخَلَّفَ عن موعده!

**

قد
تعيد الحروف والأشكال
التي نَنْثُرُها هنا أو هنـــــــــــــــــــــــــــــاك،
ما اختطفتْه الأيامُ منا على عجل .. !!

**

تعريف (الشيء) ؛
قد يكون سببا كبيرا في الإقبال عليه أو الإدبار عنه ..
ما أخطر التعريف!!

**

الأيام التي ينقطع فيها حبل الكلام؛ أيام كسولة عطشى..
لا شمسَ توقظ، و لا دَلْوَ يأتي بماء !

**

ليست الخطب وحدها (عنترية) ..
حتى التدوينات والتغريدات لا تخلو من (عنتر) يختبئ وراءها!!

**

انتق كلماتك بعناية بالغة.
ما يبدو لك أو لصديقك دعابة لطيفة
قد يبدو لغيركما هجوما عنيفا،
أو – على الأقل
فصلا من فصول سماجةٍ
لا تَعرِف أنت
أن الأقلام التي تكتبها
تتكاثر يوما بعد يوم !




حكايات الماء والطين (1)

 (1)
كان من عادة الناس في البناء بالطين أن يخلطوه بالتِّبْن المتخلِّف من أعواد القمح بعد دَوْسِه ونَزْعِ غالب حبه؛ ليكون أكثر تماسكا. وقد حكت لي أمي أن أباها كان يُمْكِثُ التبن في (غيلة) الطين إلى عشرة أيام قبل استخدامها في البناء، يتعهدها كل يوم بالتقليب وحسن الخلط | الغيلة: خليط التراب والماء، يُعْجَن حتى يصير طينا صالحا للبناء، والتسميةُ مأخوذة –فيما يبدو- من (الغَيْل) بمعنى الماء الجاري على وجه الأرض، أو نحوه.

(2)
حدثني أحد أهلنا أنه أدرك أمطارا بلغ من غزارتها أنها أنبتت التبن المخلوط في الطين على جدران المنازل وأسقفها. وحكى لي أن بدويا حضر أيام القيظ للقرية، فبنى (عريشا) من سعف النخيل وجعل في زاوية منه عمودا جافا من خشب شجر السمر، فلما هطلت الأمطار غزيرةً أنبتت ذلك العمود الجاف ورجع إلى أصله الذي كان منه.

 (3)
حكى لي أبي مرةً أنه اشترك -وهو فتى يافع- مع مجموعة من رجال القرية في بناء جدار لأحد البساتين، وقد كانت مهمته مع آخرين نقل الطين من مكان (الغيلة) إلى مكان البناء، حيث يتسلمه الصُّنَّاعُ ذوو الخبرة. ولأنهم لم يكونوا يملكون عرباتٍ (كتلك التي يستخدمها عمال البناء حاليا لنقل خلطة الإسمنت)؛ فقد كانوا يعمدون إلى (جِرابٍ) فارغ من التمر، فيثقبونه ثقبين في طرفي جانبه الأسفل، ويجعلون في كل ثقب عمودا خشبيا يتخلل الجراب من أسفله إلى أعلاه، فيصير حَمَّالة متينة، يتناولها اثنان من طرفيها. وقد ذكر لي بعض أساتذتنا تسميةً لحمالة الطين هذه، وهي (الزفارة).

(4)
حدثني بعض أهلنا، قالوا: إن عدد الأفلاج التي أنشئت في قريتنا (الحَبّي: من أعمال ولاية بهلا) وفي سوحها أكثر من عشرة أفلاج هي: العين، والطفيل، والصغيّر، والسمن، والفليج، والوديم، والحديث، والحافر، والبويرد، والعَيا، والواشحي، وفلج سيف، والمأثول، والقراح، وفلج راعي الشايبة؛ وإنهم أدركوا الستة الأولى منها، فيما سمعوا عن البقية وعرفوا مواقعها وبعض آثارها من آبائهم الأولين.

(5)
حكى لي أبي أنه اشتغل مرة في فترة من شبابه أجيرا عند صاحب بناء، في مقابل قرش واحد لكل خمسة أو ستة (أثواج) من الحجارة اللازمة لبنائه، يأتيه بها على حمار. والثَوْجُ هو حمولة حمار واحد. وكان يأتي بهذه الحجارة من وادٍ يقع على أطراف القرية. ولأن المسافة بين الوادي ومكان البناء بعيدة نوعا ما (حوالي كيلو متر)؛ فإنه ربما يقضي اليومين الكاملين في إنجاز هذا العمل، وليس له غير هذا القرش أجرةً فيهما | الثوج: وعاء من الخُوصِ لِلتُّرابِ والجِصِّ، ونحوهما!