السبت، 16 أبريل 2011

كان يا ما كان ..

كنت في أحد محلات التسوق الكبيرة منذ أيام خلت. لفت نظري أن المسافة بين كل محاسبين متجاورين لا تكفي تقريبا إلا لكرسي واحد، فهما جالس وواقف ، وهما – في الغالب - فتى وفتاة. تجلس الفتاة ، فيما يقف الفتى الذي يتحرك بين الفينة والأخرى في تلك المساحة الضيقة التي تشبه غرفة صغيرة جدا (بفعل تجاور طاولتي المحاسبة) لها نافذتان متقابلتان يطل منها المحاسبان على الزبائن، حتى ليكاد ظهره يلتصق بكرسي الفتاة!!
لفت نظري هذا المشهد، وقلت لصاحبي: ألا يستطيع القائمون على هذا المكان أن يجعلوا الجارين إما رجالا وإما نساء دون خلط بينهما، أم أن هذا يتعارض مع العدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، وحرية المرأة، والمساواة بين الجنسين، وعدم التمييز العنصري، والتمدن، والتحضر، والديمقراطية، والانفتاح، والوسطية، والاعتدال، والحوار، وحق الاختلاف، والثقافة الجديدة، و .....
وقلت له أيضا: إن أضعف الإيمان أن يجعلوا المسافة بين الجارين أوسع حتى نستطيع أن نعبر طاولة الحساب بلا تأخير من كلمات الغزل المتبادلة (عيني عينك) بين الجارين الطيبين، ولا أثرٍ باطلٍ من العطر الفواح يجود به الجيران الجالسون على الجيران الواقفين فتهزهم نشوة الارتياح فتراه بطلا زائفاً مُفْتَرَّ الثغرِ كأنه النصر يحسب أنه يُحْسِنُ إلى الزبائن الملاح !!!.. أم أنهم سيقولون لنا إن اقترحنا عليهم هذه الفكرة : كلا، هذا يتعارض مع كل المصابيح الموجودة في سقف المركز وأرضه، وإنما أنتم أيها المطاوعة الجدد: ظلاميون، متطرفون، متشددون، منغلقون، نظرٌ ضعيف وصوت عنيف، وعقلٌ قاصر وعلمٌ عاثر ..

الاثنين، 11 أبريل 2011

الحكمة البالغة!

أحداث الاعتصامات والإضرابات ، وحتى أعمال التعطيل والتخريب، التي شهدتها السلطنة مؤخرا هي درس جامع مفيد لكل العمانيين على مختلف مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية والسياسية..
إنه درس مهم للشعب وللحكومة، وعلى الجميع أن يأخذ منه الحكمة البالغة التي تجعل النتيجة دائما لصالح عمان الوطن..
وليست الحكمة البالغة أن يقتصر النظر على فك الاعتصامات وتلبية المطالب، ثم رجوع المعتصمين إلى بيوتهم واستئناف المضربين لأعمالهم ومحاكمة المخربين وإيقاع العقوبات بهم بحسب ماتنص عليه القوانين النافذة في السلطنة  ..
ليست الحكمة البالغة في قصر النظر على هذه الأشياء فقط ، رغم أنها مطلوبة وحسنة ، بل هي في إعادة النظر من جديد في الأسباب التي أدت إلى هذه الأحداث بشكل موضوعي يكفل للمواطن حق التعبير المسؤول عن رأيه دون تعطيل أو تخريب، ويكفل للحكومة معالجة المشكلات بتأنٍ وحكمة، ويجعل عمان نقية طاهرة من الفاسدين المفسدين الذين يمارسون غيهم بأشكال تبدو للوهلة الأولى على طرفي نقيض ولكنها في النهاية إلى سبيل واحد ، فالمواطن (الفاسد) بدعوى حرية التعبير هو نفسه الوزير (الفاسد) بدعوى خدمة مصالح البلد ونفع الناس..
وفسادهما  لم يخرج إلى الدنيا دفعة واحدة ، وإنما كانت له خيوط تشعبت بمرور الأيام وتضخمت، فأصبحت ظلمات بعضها فوق بعض! .. وبالتالي فإن اجتثاثها وتجفيف منابعها يحتاج إلى مزيد نظر وتأمل ليس من القيادة السياسية فقط ، بل من خبراء التربية والتعليم والقيادات الدينية والاجتماعية، والمسؤولين عن التنمية الاجتماعية والإعلام والثقافة..
من هنا تبدو وجاهة المطالب التي تدعو إلى إعادة النظر في المناهج التي تقدم لأبنائنا وإخواننا في المدارس، وإعادة تركيب وإنتاج الخطاب الإعلامي والثقافي بحيث ينطلق أولا من قيم المجتمع العربية والإسلامية وتقاليده الأصيلة الحميدة ، ومن القيم الإنسانية الفاضلة التي ترقى بإنسانية الإنسان ، ثم يبحث عن الأشكال الجديدة التي تتواءم مع العصر ليفرغ فيها مضامينه الفكرية الجديدة..
وارتباطا بما سبق وتفصيلا لعمومه، أود التأكيد خصوصا على أهمية إعادة منهج التربية الإسلامية كما كان عليه سابقا و ما كانت تبعثه مناهج المواد الأخرى من خلق كريم وإحساس بالانتماء إلى هذه الأرض الطيبة، وإعادة تشكيل المنتج السياحي العماني بما يتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا، وإعادة الاعتبار لهيبة الكبار في مؤسسات التعليم والأسرة والعمل، وليس غريبا أن ،ضيف السبلة العمانية في هذا السياق باعتبارها علامة على كثير مما أشرت إليه في هذه الفقرة!
هذه المطالب أولوية وليست هامشية، وعلى الجميع أن يتعاون من أجل الوفاء بما تقتضيه المرحلة القادمة .. الأب والأم في البيت، والمعلم في المدرسة، والمدير في مكتبه، والموظف في وظيفته، وهكذا .. كل في مجاله وبحسب مستواه حتى تتكامل هذه الجهود بما يجعل بلدنا الحبيب (عمان) أجمل وأفضل وأكمل، والله المستعان!

الثلاثاء، 5 أبريل 2011

عمان واحدة .. لشعب عماني واحد !


كنت في زيارة يوم أمس لإحدى الشركات العاملة في مجال التسويق. سرني أن أرى طيفا مختلفا من شباب عمان .. مذاهب وأعراق وقبائل ومناطق مختلفة، وربما لا يوجد اثنان منهم متفقان في كل شيء، لكنهم متفقون جميعا في سبيل إنجاح عمل الشركة ، وهم نسيج واحد في إشاعة جو من المرح والأخوة الصافية، وهم -قبل هذا وبعده- متفقون في أنهم عمانيون جميعا يحملون القدر نفسه من حب هذه الأرض الطيبة والوفاء لها والتضحية من أجلها..
بعد تلك الجلسة معهم ، وما شاع فيها من مودة ظاهرة في العيون والوجوه ، كنت أتأمل وأنا أقود سيارتي خارجا من الشركة في ما يقودنا إليه مثل هذا المشهد الحضاري الجميل – حين يتحقق في مستويات أكبر في حياتنا الاجتماعية – من أُلْفة جامعة ونهضة شاملة ترفع من شأن البلاد والعباد.
وفي عمان حيث ترسخ بقوة قيمة التعايش بين الناس على قدم المساواة ونبذ التعصبات بينهم، يسير المجتمع سيرة طيبة ويحيا حياة هانئة مستقرة ، يتحدث عنها الناس الذين عرفوا عمان وأهلها عن قرب ، ويرجون لبلدانهم أن تضع النموذج العماني موضوع القدوة الحسنة.
فهل يعي بعض إخوتنا أنهم ببعض أقوالهم وأفعالهم -في اعتصاماتهم السلمية التي قد تكسب بعض أصحاب النوايا التخريبية غطاء مشروعا - يسيؤون إلى هذه القيمة التي ناضلت من أجل إعلائها القيادة الحكيمة لجلالة السلطان ومعه أطياف مجتمعة من الشعب العماني..

الاثنين، 4 أبريل 2011

خواطر من وحي الاعتصامات ..


28 / 3 / 2011 م:
هدية أبي الأسود الدؤلي لبعض الناس :
حَسَدوا الفَتى إِذ لَم يَنالوا سَعيهُ ** فَالقَومُ أَعداءٌ لَهُ وَخُصومُ
كَضَرائِرِ الحَسناءِ قُلنَ لِوَجهِها ** حَسداً وَبَغياً إِنَّهُ لَدَميمُ
وَتَرى اللَبيبَ مُحسَّداً لَم يَجتَرِم ** شَتمَ الرِجالِ وَعَرضُهُ مَشتومُ
وَكَذاكَ مَن عَظُمَت عَليهِ نِعمَةٌ ** حُسّادُه سَيفٌ عَليهِ صَرومُ
فاِترُك مُحاوَرةَ السَفيهِ فَإِنَّها ** نَدمٌ وَغِبٌّ بَعدَ ذاكَ وَخيمُ

29 / 3 / 2011 م :
المصلحة الوطنية أولى من المصلحة الشخصية، ودفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، وأولى بكل من يقوم على اعتصام أن يفضه ..
ثمة أسباب موجبة لهذا ، و منها:
** الاعتصامات مظنة دخول الفاسدين المخربين (بالانضمام إليها أو إنشاء أخرى جديدة) الذين يشيعون الفتنة أحيانا أو يقنعون ضعاف العقول بأن التخريب أو التعطيل يجعل الاعتصام أقوى تأثيرا وأبعد أثرا.
** تناسل الاعتصامات، يدفع الجهات المسؤولة في بعض الأحيان إلى اتخاذ قرارات متسرعة بقصد احتواء الأزمة وامتصاص غضب الشارع.. هذه القرارات لا تحل المشكلة بل تعيدنا إلى مربعها الأول ، ولذا فإعطاء الحكومة الفرصة لتدارس الأمر والخروج بقرارات صائبة مطلب أكيد ينسجم مع الأصل الذي نشأت منه هذه الاعتصامات وهو حب الوطن والغيرة على مصلحته!
** تشيع كثرة الاعتصامات حالة من القلق بين أوساط كثيرة من الناس، مما يؤثر على إنتاجية الإنسان مع نفسه، وأسرته، وعمله .. إنهم يخشون مما ستؤول إليه هذه الحالة ، ويتساءلون دائما : متى تنتهي هذه الاعتصامات؟
** يسير بعض الناس في ركب هذه الاعتصامات دون أجندة واضحة أو مطالب حقيقية، كأنها حالة احتفالية ، ولذا تسمع البعض يقول: كل الناس اعتصموا إلا نحن! فيما يبدأ بعضهم اعتصامه بجملة مثل: تجاوبا وانسجاما مع اعتصامات ولايات ومناطق السلطنة، نعلن نحن أبناء المنطقة الفلانية عن تنظيم اعتصام ، وللتواصل فلان وفلان .. !! هل يشارك هؤلاء الناس في احتفالات بالعيد الوطني أو غيره ؟ ..
**
اللهم احفظ عمان آمنة مطمئنة ، سخاء رخاء لأهلها جميعا، من مسندم إلى صلالة، ومن مصيرة إلى آخر ذرة تراب في الربع الخالي، والله المستعان أبدا ..

1 / 4 / 2011 م:
** الاعتصام ما ( عَرْصَة ) .. والحكومة تحتاج ( فُرْصة ) !!
**  تذكر تذكر .. السلطان ما قصَّر !
**  أنت شريف ، لأنك تنهي اعتصاما شريفا !
**  اعتصمنا معا ، و معا نعود لنبني الوطن !
//
محاولة لشعارات جديدة : آمل أن يستمع لها العقلاء ، حتى لا يقولوا بعدها : ليت الذي جرى ما كان !

1 / 4 / 2011 م :
من الأمور التي أقلقتني في اعتصامات صحار، مقطع فيديو يظهر فيه شخص يتحدث إلى المعتصمين في دوار الكرة الأرضية، ويقول بجواز تعطيل الطريق جائز إذا كان من ورائه أمر بمعروف ونهي عن منكر ، وينسب هذا الكلام إلى أحد العلماء السابقين المشهورين ..
العجيب أن العالم المذكور، تحتفي بأقواله مدرسة فكرية معروفة لها في الشأن الإسلامي وقد خرج علماؤها بفتاوى كثيرة تحرم التظاهر أو التجمع والخروج على الحاكم الظالم بذريعة درء الفتن ودفعاً للفرقة بين المسلمين وحقناً للدماء ..
والأكثر عجبا من هذا، أن الشخص المتكلم ينتمي للمدرسة ذاتها المشار إليها آنفا، ويستفيد فكريا بشكل أو بآخر مما يقوله علماء تلك المدرسة الذين بلغ الأمر ببعضهم إلى توجيه رسائل من شأنها تصعيد الاعتصامات والزج بها في أتون الفتنة الطائفية ..
والخلاصة المريرة: أنه يجوز في (عمان) و لا يجوز في ...
**
أخبرني أحد كبار السن في إحدى ولايات الباطنة القريبة من صحار عن امرأة وضعت جنينها في سيارة زوجها الذي لم يتمكن من العبور إلى مستشفى صحار بسبب تعطيل الدوار، وفي ظل هذا ألا يبدو فعل التعطيل منكرا، والأكثر نكرا منه أن يتم تسويقه تحت شعار ديني مغلف بشعار مدرسة تراها منكرا في دولتها!
يضاف إلى هذا كله، ألا يعد مثل هذا الكلام جهلا بحقائق الأمور أو تعاليا عليها إذا علمنا أن اعتصامات كثيرة آتت أكلها دون تعطيل أو تخريب .. اللهم إلا إذا كانت بؤرة الفساد في مركز الدوار، يرونها ونحن لا نراها فهم يأمرونها بالمعروف وينهونها عن المنكر، وحينئذ فإن الأسئلة الكبيرة الذي تطرح نفسها على من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد: ما هو الفساد؟ و من أين يبدا الإصلاح؟ و من يقود المصلحين؟
**
نقطة أخيرة أصوغها على شكل سؤال: ماذا يضر الإصلاح أن يرجع المعتصمون إلى بيوتهم ليرقبوا أداء الحكومة، محسنين فيها الظن – لاسيما بعد التغييرات الواسعة الأخيرة – فإن رأوا منها خيرا شكروا ، وإلا خرجوا وأكدوا على مطالبهم دون تعطيل و لا تخريب!

3 / 4 / 2011 م :
أنا عماني ،، وهذي بلادي أحميها !!
بروحي ودمي أفديها ..
وكل الناس
كل عماني فيها (عمان) من أهلي
عسى الرحمن يجمعنا على حب الذي فيها ..

4 / 4 / 2011 م:
" أرى الرجل فيعجبني ، فإذا تكلم سقط من عيني .. "
مقولة لسيدنا العظيم عمر بن الخطاب ، يمكن إنتاجها بطريقة أخرى في هذه الأيام التي تشهد فيها بلدنا الحبيب عمان سجالا فكريا وحراكا سياسيا ملحوظا ، لتكون كما يلي :
" يتحدث الرجل منهم والمرأة عن الحرية من أجل محاربة الفساد وصولا إلى الإصلاح، فتأسرنا كلماتهم ، وتحيي فينا العزمات وتسوقنا إليهم محبين مؤيدين ..
فإذا وقفنا على أعتاب بابه الذي حسبناه حرا مشرعا،
وقلنا له من أنفسنا ما يقول
وزدناه قولا: هل للفساد وجه واحد فقط؟ أم أن له وجوها كثيرة ليس أدناها اختلاق الأكاذيب بغية تحسين السيء وتقبيح الحسن ..
وقلنا له كلاما كثيرا مما حسبنا أنه يعنيه، و أننا نكفيه مؤونة الحديث فيه لوحده ..
قال لنا : أفٍ لكم ولما تقولون ، وتباً لكم سائر اليوم فما لهذا جمعتكم!!