الأحد، 24 نوفمبر 2013

جودوا يا كرام !

فاجأني رد المتكلم: الأفضل أن تتواصل مع الشرطة.. ماذا يمكن أن نفعل الآن؟
-     أتصور أن الأولى أن يكون بينكم وبين الشرطة تنسيق في هذا الجانب، فلا يحتاج المتصل للتواصل مع جهتين، كما أن هذا وأمثاله قد يكون من ورائهم عصابات منظمة، الأمر الذي يلزم معه إدارة مشتركة لهذا الموضوع!

**
كان الرجل الذي أبلغت عنه من جنسية عربية، ولكنه يلبس زيا عمانيا، ويتقن اللهجة العمانية إلى حد كبير ، لكن كلماتٍ من هنا و هناك تكشف عن بلده الحقيقي. حرصت على تسجيل لوحة سيارته -التي بدا لي أنها مستأجرة- ولم أتمكن من التواصل مع الخط الساخن لمكافحة التسول إلا بعد ذهابه بفترة. كنت أتحدث مع جاري أمام باب البيت حين نزل من سيارة نظيفة وقفت فجأة في مكان قريب منا. كان في أحسن الثياب، وفي جسم يبدو أنه قوي صحيح. سألنا عن بيت (فلان الفلاني) الذي يقطن في هذا الحي، وقال إنه نسي حقيبته في سيارة هذا (الفلان)، وفيها محفظة نقوده التي يحتاج إليها الآن -عاجلا غير آجل- لتعبئة سيارته بالوقود. والمشكلة أن هاتفه في الحقيبة فلا يمكنه الوصول إلى صاحبه بالاتصال!!.. وهو الآن محتاج لريالات معدودة فقط.. فهل تجودون ياكرام؟!!
قاطعته، وقلت له: المعذرة يا أخي.. لكني لا أصدق حرفا مما تقول !!

فوجئ صاحبي قبل الرجل بما قلت ، وأكملت: لأنك حكيت لي القصة ذاتها، بمثل هذه التفاصيل، قبل نحو عام تقريبا !!.. وفيما مضيت أنا في لومه وتقريعه بما حضر لدي من الكلام؛ كان الرجل المتسول يبدي من علامات الدهشة والإنكار ما يستطيع. قال: سامحني. قلت له: أحرى بك أن تطلب المسامحة من الله على هذا الكذب المتواصل، وأخذ أموال الناس بغير حق، وحرمان الفقراء والمساكين من صدقات المحسنين إذ تجعل نفسك في موضعهم، وكونك عاطلا عن العمل الشريف بينما أنت قادر على ذلك.

إن جديد المتسولين لا ينتهي. في كل مرة يبتكرون حيلا وأساليب غير التي استهلكوها من قبل. إنهم معرض إبداع لا تنتهي عجائبه، لكنه إبداع سيئ مكروه. يوهمون الناس أنهم مصرف صحيح مشروع للصدقات والهبات، ويجعلون أنفسهم في مواقف تستدعي الشفقة والإحسان، بينما هم أهل لغير هذه المعاني والقيم الإنسانية التي ينبغي التوجه بها للفقراء والمساكين الذين لا ينشرون غسيلهم في الشوارع -كما يقال-، و لا يسألون الناس إلحافا.

وبعد أن نشطوا في المساجد والأسواق والشوارع العامة، فأصبحت حيلهم مستهلكة إلى حد كبير، وأضحت أشكالهم معروفة للزائر والمقيم، وأمسى وجودهم عرضة لخطر هجوم مضاد من قبل الأفراد أو الجهات المسؤولة؛ بدأوا الدخول إلى مكاتب العمل وبيوت الناس!

لذا أتمنى ألا يكون ما فهمته صحيحا، وهو أن التنسيق بين الشرطة وإدارة مكافحة التسول ضعيف، فهذه الفئة خطر حقيقي على المجتمع، وخطورتهم تزداد يوما بعد يوم، لا سيما مع دخول الوافدين فيها. وحسبك من وافد متسول ألا تعلم مصارف النقود التي يجنيها بالباطل!