الخميس، 30 أغسطس 2018

علمتني تجربة البناء | (1)


(1)
علمتني تجربة البناء أن أتقوى بالأمل والحلم في أن يتوفر للمكان الذي اخترته لبناء بيتي جميع الخدمات المطلوبة. أطلعت أبي مرةً –قبل الشروع في البناء- على قطعة الأرض التي اشتريتها، فعاتبني كثيرا. كانت الطريق غير ممهدة، والسيارة بين صعود وهبوط، والبيوت قليلة متناثرة. قلت له: ستأتي يا أبي في مرة قادمة إلى هذا المكان وسترى أن الأحوال تغيرت كثيرا، وهو ما كان، والحمد لله.

(2)
علمتني تجربة البناء أن (البيت الجميل) إنما يجمل (أكثر) بالفكرة الجميلة الماثلة في نفس صاحبه عنه، وعن المكان الذي يحتمله، وعن الجيران من حوله.

(3)
علمتني تجربة البناء ألا أندم على ما فات من إخفاقات ما دمت قد حققت تقدما فيما أتى في الجوانب نفسها أو في جوانب أخرى. بعد أن اشتريت قطعة الأرض علمت أن أحد جيراني اشترى أرضه بقيمة أقل في الفترة نفسها تقريبا. لم أندم. كان هدفي أن أحصل على قطعة أرض مناسبة في حدود المبلغ الذي حددته، وقد كان هذا مرضيا لي. وكذلك عمدت إلى شراء عدد كبير من مواد البناء من مدينة بعيدة، بقصد التوفير في المبالغ وتعدد الخيارات؛ ثم اكتشفت لاحقا أنه كان يمكنني –بالقيمة ذاتها، أو أقل- شراؤها من مكان قريب.

(4)
علمتني تجربة البناء أن (المشكلة) إنما هي أحد وجهي الأمر فحسب، وأن (الفرصة) هي وجهه الآخر.

(5)
علمتني تجربة البناء أن الاستثمار الناجح لا يقوم في البيئة المهيأة فقط، بل يمكن أن يبدأ نجاحه من تهيئة البيئة نفسها، وصولا إلى شروطه الموضوعية المعروفة.

(6)
علمتني تجربة البناء أن الملاحظات والانتقادات التي لا تساق في وقتها ومكانها الصحيح؛ هي أقرب إلى أن تكون خطة إفساد وتدمير، بدلا من أن تكون خطة إصلاح وتعمير.

(7)
علمتني تجربة البناء أن ما تراه سهلا ميسورا لا يحتاج إلى تفكير وتدبير هو في الحقيقة عالم قائم بذاته له من التفاصيل ما يؤهل العارفين فيه إلى أن يتسموا باسم العلماء والخبراء.

(8)
علمتني تجربة البناء أن البعيد قد يكون أقرب إليك من القريب. ينطبق هذا على الأشخاص، والأشياء، والأحداث!


(9)
علمتني تجربة البناء ألا أصدق أن لكل أمر وجهين فقط، بل له وجوه عدة وفيه خيارات كثيرة، ولكن من ألجأ إليهم قد لا تكون لديهم خبرة أو معرفة إلا بهذين الوجهين فحسب!

(10)
علمتني تجربة البناء أن أسئلة الناس من حولك عن المشروع، والأفكار التي تأتي منهم في منتصف الطريق يمكن أن تضيف الكثير إليك وإلى مشروعك. فكرة هنا وفكرة هناك؛ يمكن أن تساهم في تصويب خطأ ما، أو توجيه الصواب ليكون أفضل مما هو عليه. إنها تفتح (إجمالا) منافذ متعددة ورؤى جديدة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق