الخميس، 16 أغسطس 2018

مذكرات امتنان لله (4)


(1)
من مظاهر ضعف الإنسان
أن يبحث عن الشيء
وهو موضوع بين عينيه أو ممسك به بإحدى يديه،
يسأل عنه المحيطين به،
وربما افتر صارخا معبرا بذلك عن بالغ ضعفه البشري..
آن لنا
-وكلنا هذا الإنسان-
أن نصرف هذه الجارحة
التي لم تبصر ما هو في الخارج
إلى الداخل قليلا،
فلعلها تبصر ما نحن عليه من ضعف وافتقار لله،
فنعلم -حينئذ- علم اليقين
أننا نتقوى من ضعفنا هذا باقترابنا منه عزوجل أكثر،
وأن نشعر بالامتنان لربنا الكريم
الذي يعيدنا إليه مرات ومرات كلما نسينا وغفلنا!


(2)
تتذكر أباك الآن، وقد مرت عليه أيام كان يعجزه فيها أن يدفع (60) ريالا مرة واحدة..
تتذكره وأنت تدفع الستين وأضعافها في شراء غرض واحد أو غرضين من أغراض المنزل، الكمالية وليس الضرورية.
كانت الستون راتبه الذي يعول به أسرة كاملة. صبر على هذا فترة من الزمن، كان يعولك فيها وإخوتك بهذا الراتب الذي يتهالك قبل أن يبلغ الشهر منتصفه.. كم كان صبورا، وكم هو خليق بك الآن أن تعلم أن ما صرت إليه من سعة إنما هو نعمة من الخالق لم يكن لك فيها حول و لا قوة!


(3)
مهما بلغت بك الشهرة؛ فأنت نكرة مجهول في مكان ما، غريب لا يعرفك فيه أحد، طارئ جديد تحتاج إلى من يسلك بك في تفاصيل المكان.. في مكان كهذا تستعيد التجارب الأولى في التعريف بنفسك، حين لم تكن شيئا مذكورا، أو لم تكن تعني غير رقم من الأرقام. من النافع أن تشعر بالامتنان لمكانٍ يعلمك ما لم تكن تعلم من قدر نفسك، وأن تشعر بالامتنان –قبل هذا وبعده- لربك الذي يهيئ لك –بين حين وآخر- من الأدوات ما يقربك إلى الاتزان وينأى بك عن التطرف!


(4)
تنظر إلى الطفل الصغير،
وتعجب من حجم المتعة التي يجدها في أشياءَ عاديةٍ جدا!
كذلك كنت؛ صغيرا في كل شيء، تنظر بعينين مفتوحتين ودهشة بالغة إلى حجر ملقى أو نملة صغيرة أو بالون منفوخ، محتاجا للمساعدة فيما تعتقد الآن أن كبيرا عاقلا معافىً لا يطلب معونة فيه ولا إرشادا..
لقد أتى عليك حينٌ من الدهر لم تكن تعلم فيه شيئا، ثم بدأت تتوفر على معلومات صغيرة عما حولك، كَبُرَتْ وتكاثرتْ يوما بعد يوم. كنتَ -أيها الكبير- تعالج الأشياء والأحداث الصغيرة التافهة بوعي عال، حتى تمكنت منها، فاستقرت تلك المهارات في اللاوعي منك، فأصبحت كما أنت الآن؛ فهل تتنكر لتاريخك التعليمي؟
إذا عرفتَ أن الإنسان هو مجموع ما يتعلم، فعليك أن تعرف أن الشعور بالامتنان لكل من علمك واجب مقدس عظيم!
اشعر بالامتنان لمن رباك صغيرا، ولمن علمك فَتِيّاً، ولمن أسدى إليك جميلا في الحياة..
ودائما دائما، قبل هؤلاء وبعدهم؛ اشعر بالامتنان لربك الذي أودع فيك القدرة على التعلم، وعلمك ما لم تكن تعلم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق