الخميس، 30 أغسطس 2018

مشارق | 2


(11)
#الكتاب كائن معمر.
يموت مَن حوله ويبقى حيا ما بقيت الحياة.
قال #الجاحظ: "إني لا أعلم شجرة أطول عمرا، ولا أطيب ثمرا، ولا أقرب مجتنى؛ من كتاب".

(12)
قال (هرقليطس) مرةً: "إنك لا تنزل في النهر نفسه مرتين"، والمعنى أن ماءه يتغير فكل ما فات منه لا يرجع. كذلك الحياة؛ كل لحظة جميلة ضائعة لا يمكن استرجاعها. (السخط/ الزَّعل) أو (الغضب) أو (اجترار الذكريات السيئة) بين متحابين: استبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير من لحظات العمر، سفك دم اللحظة الجميلة لتحيا لحظة قبيحة.. أليست هذه تجارة خاسرة في عمرنا القصير؟!

(13)
مقتضى التدين حركة كبرى أحيانا، وأحيانا كلمة صغيرة قد لا تسمع. لا يفرض عليك التدين شكلا واحدا من السلوك في كل مكان وزمان، ولا ينبغي له أن يفرض نمطا واحدا من التفكير. "لكل مقام مقال" كما يقولون، وإثبات المعروف وإنكار المنكر ليسا مقصورين على أداة واحدة فحسب "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه".

(14)
لبعض الأخبار السعيدة كيمياء عجيبة..
ترى أثرها في كل ما يحيط بك، وفي الداخل منك مثل تيار الكهرباء.
شيءٌ يشبه (العيد) الذي يصيب كل شيء بالجِدَّة والسعادة، بل ربما كانت هي (العيد) نفسه، ولكنها اختارت توقيتا غير معهود؛ تماما مثل ما يقول هامينغوي (السعادة عيد غير ثابت التاريخ)!!

 (15)
"أعوذ بالله" من كل شيطان يُحيل لحظات الأنس بالأحباب إلى لحظات نفور واكتئاب.. ومن كل شيطان يجعل روضة الكلام الجميل قبراً للصمت الثقيل.. ومن كل شيطان يكمن في بريئ الأفراح فيحيلها سكاكين تنكأ الجراح.. "أعوذ بالله" منه عدد كل شيء وسعه من الله أفضالٌ ورحمات، وعدد ما أنعم به على الناس أجمعين من حواس ومشاعر وقدرات، وعدد ما أودع فيهم وفي الكون من أسرار خفيات!

(16)
جرب أن تنظر إلى مكارهك بعين جديدة. حينئذ؛ قد تبصر ما لم تدلك عليه عينك القديمة من قبل، فتعرف أن لأعضائك خيانات صغيرة أو كبيرة، فتدرك أنك "حفظت شيئا وغابت عنك أشياء"، وقد ترى الجانب المظلم منيرا على غير عادته، فتعرف أن الليل وإن سلخ النهار فإن شيئا من النهار حي لم يزل، وأن الأشياء ليست كما تبدو أول مرة، وتدرك (حتما) أن ما خفي –في الظلام- أعظمُ نورا مما تصورت!

(17)
(المكان) المهيأ النظيف –ما أسعفت الإمكانيات-؛ اعتراف بفضل العلم وأهله.
يُشَرِّفُ العلم الأمكنةَ التي يَتَنَزَّلُ فيها: يرتفعُ به قدرُها، وتتقدس حوزتُها، وتظلُّ في كل أحوالها -عامرةً أو داثرة- محلَّ افتخارٍ بين الأجيال المتعاقبة..
قال السلطان #قابوس_بن_سعيد –حفظه الله ورعاه- يوما: "سنعلم أبناءنا ولو تحت ظل شجرة"..
لقد كان الرجل الحكيم يدرك أهمية عنصر (المكان) في معادلة التعليم، كما أدركها كل من انتقلت بهم الأيام من غرفة الطين الضيقة إلى القاعة الواسعة المجهزة بأحدث الوسائل.

(18)
لا يصدر الإنسان في (الفوضى) -التي تسكنه، أو تحيط به- عن طبع قذر دائما؛ فقد يكون هذا بسببٍ من مشاغله الكثيرة التي تنسيه ما يتعين عليه من شؤون التنسيق والنظام، فكأَيِّنْ رأينا علماء شغلتهم شواغل الجوهر عن شواغل المظهر.
وقد يكون هذا بسبب التردد وعدم القدرة على حسم ما يحتاج إليه وما هو زائد عن حاجته؛ تماما كما كان يعاني بطل عبدالفتاح كيليطو في روايته (أنبئوني بالرؤيا) من جراء تكدس الأوراق في مكتبه: "... كيف لي أن أعلم أنني لن أحتاجها ذات يوم؟ لما لم أستطع الحسم، تخليت عن الترتيب".

(19)
ولو أنك لم تنس نصيبك من (روح رياضية)
-كما يقولون-
لما أتى الغيظ على شيء منك.
ماذا عسى الغيظ أن يجلب إليك أو يرد عليك؟!..
ولكنك آثرت أن تكون وعاءً لكيميائه الحارقة،
فها أنت الآن تعاني ناره التي لا تزال تقتلك شيئا فشيئا.


(20)
كما "لا يسرق السارق حين يسرق و هو مؤمن
فكذلك الظالم..
لا يظلم حين يظلم وهو مؤمن!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق