الاثنين، 29 فبراير 2016

الكتاب.. أكثر من وطن!


في زيارتي لمعرض مسقط الدولي للكتاب أمس؛ رأيت غير واحد من الكتاب، والأدباء، والباحثين، والفنانين، والأصدقاء. بعض هؤلاء من داخل عمان وشمالها، وبعضهم من ساحلها وجنوبها. بعضهم أراه لأول مرة، وبعضهم رأيته من قبل. بعضهم تجمعني به معرفة قديمة أو حديثة، وبعضهم لا علاقة بيني وبينه. بعضهم مَعْنِيٌّ بالخطاب المتديِّن، وبعضهم بخطاب آخر مختلفٍ عنه في قليل أو كثير. بعضهم مهتم بإخراج ما سطره العمانيون الأوائل، وبعضهم مهتم بتعزيز النتاج الثقافي الجديد. بعضهم مهتم بإنشاء الخطاب، وبعضهم بنشر الخطاب. بعضهم حديث التجربة في الكتابة، وبعضهم مُعْرِقٌ فيها ومخضرم.

كانوا جميعا، جماعات وأفرادا، يمضون إلى ما يناسبهم من الكتب، ويتبادلون أحاديث ودودة مع من يلقون، ويتجلى في وجوههم أثرٌ من الرضا والسرور بفعالية كهذه.
لاحظت أن حالةً من (الاختلاف الجميل) تسود المكان. كان معي ابني الصغير أسامة. لاحظت أنني وإياه مختلفان أيضا.. مختلفان في العمر، وأن في المعرض من يشبهنا في اختلافنا هذا، فَثَمَّ الصغار وثَمَّ الكبار، وثم من جاء باحثا عن كتاب، وثم من جاء باحثا عن تسلية يزجي بها الوقت!

هل لاحظتم أن فعالية كهذه يمكن أن يجتمع فيها المتناقضون على بساط من محبة، كما يجتمعون في وطن واحد يحبونه جميعا، ويعتقدون أن من واجبهم الوفاء له في كل الظروف؟


هل لاحظتم أنه صورة مصغرة للوطن الذي يسع الإنسان في كل أحواله؟ ..

هل لاحظتم أن الكتاب وطن مستقل بذاته، يفتح أبوابه لكل إنسان مهما كان.. هل لاحظتم أنه -في الحقيقة- أكثر من وطن -قياسا على قول العقاد الشهير-؟!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق