الخميس، 20 سبتمبر 2018

الحب.. وقود الأرواح المؤمنة!


هذا مقال قديم؛
كتبته قبل حوالي (14) سنة من الآن
بتاريخ (23 أغسطس 2004م)
**
قيل:
"لكل روح وقودها..
فاختر لروحك ما يوقدها..
فماذا تختـــــــــار..؟!"

أختار (الحب)..!!
لا تعجبوا لاختياري ولا تستنكروه..
إن الحب وقود خطير جدا ، ليتنا ندرك كنهه، وليت أنفسنا تتملى جوانبه وتتلمس أبعاده. لست أعني (الحب) الذي يتغنى به أرباب الخلاعة والمجون؛ فذلك شعور لاحياة فيه إذ لا يتجاوز دائرة الجسد . إنما أعني (الحب).. تلك القيمة السامية في وجود الإنسانية العظيم .

لو رأيت إنسانا يتأمل زهرة فواحة.. يقلب النظر فيها تارة، ويشم رحيقها تارة أخرى؛ فاعلم أنه محب!.. لقد أورثه الحب قلبا فيه من الرهافة وعمق الإحساس ما جعله يرى في تلك الزهرة عوالم كبرى لا يزال يجهل سرها. تلك هي عوالم (الإنسان، والكون، والحياة).
أرأيته لو لم يكن محبا، أما كان صدف عنها وانطلق لا يلوي على شيء..!!

إنه (الحب)..
يفتح الروح على مساحات كبرى رحيبة؛ فهو يغوص بها في رحم الوجود (الإنساني)، وينطلق بها لتستطلع آفاق (الكون)، ويمضي بها لتعكس خفقات (الحياة)، ومن ثمَّ نراها تنضح بالأمل القوي الذي لا يعرف اليأس أو الكآبة ويتجاوز الصعب والمستحيل، وبالحس المرهف العميق الذي يستجيب لكل خفقة في هذا الوجود ويستشرف عوالم المستقبل الغامضة.

وكم من الناس من رآه سر هذه الحياة وجوهر وجودها، فلما أفلست حياته منه عزف عن الحياة بكل ما فيها وانتظر الموت غير عابئ بشيء غيره. يصف بعضهم الحب فيقول: "إنه تفتُّح النفس للنفس ومناجاة القلب للقلب. وكل شيء في الوجود يحب شيئا: فالزهر يخالف بين ألوانه ليسقط عليه مختلف اللحن، والزمان يأتي بربيعه ليشعر أهله بالرضا والسعادة ، وليكفر عن برد شتائه ووقدة صيفه".

وبعد، فماذا تحتاج الروح كي تنطلق إلى مرافئ الأمن والطمأنينة غير مركب قوي يحملها، وزاد يبلغها غايتها، وتخطيط سليم يكشف لها الطريق الصحيح. إن (الحب) هو المركب والزاد والخطة! لكنه لا يكون كذلك إلا يومَ يكونُ عظيما في خيوط نسيجه وفي خطوط مساحته، فنبلغ به مرافئَ العظمة والسمو والجلال. ولعل قول الشاعر:
إني أحبــك كي أبقى على صلة
بالله ، بالأرض ، بالتاريـخ ، بالوطـن
يفسر بعض ما أجملته العبارة السابقة؛ ذلك أن الحب العظيم إنما يكتسب قدسيته وجلاله من ارتباطه بالله العظيم أولا، وبالقيم الفاضلة ثانيا. وهو إذا كان عظيما في منبعه فإنه يكون عظيما في مستقره إذ يشمل بظله الدنيا والآخرة . يقول الرافعي العظيم: "إن كان في الأرض عبودية شريفة فهي للحب وحده، إنما هي فكر القلب في مرجعه واتصاله به ؛ وكما يستعبد الأعمى لعكازته لأنه يرى فيها عنصرا من النظر، والشيخ الهرم لعصاه لأنه يرى فيها عنصرا من الشباب، والطفل الصغير للعبته لأنه يرى فيها عنصرا من الشباب، والطفل الصغير للعبته لأنه يرى فيها عنصرا من العقل – كذلك يستعبد عاشق الجمال للجمال، لأنه يرى فيه لروحه وقلبه نظرا وشبابا وعقلا، فيبصر ويقوى ويعقل إذا عمي غيره وضعف وخرف؛ ويعلم حينئذ بنظرة الفكر القوية العاقلة أن العبودية للحب الصحيح هي مبدأ العبودية الصحيحة لله" وإذن، فأنا أستطيع أن أقرر الآن بكل ثقة ..
إنما يصنع ( الفعلَ ) العظيم ؛
الروحُ المترعة بـ( الحب ) العظيم !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق