السبت، 17 فبراير 2018

خواطر قارئ


القراءة، ليست –على الأرجح- إعادة ترتيب العقل وتعزيز المعرفة فحسب، وليست القدرة على النظر إلى الأحداث من حولنا بعين جديدة فقط؛ بل هي –إلى جانب هذا كله- نفاذ –بشكل أو بآخر- إلى مكونات صناعة الأيام –إن صح التعبير- حتى لكأنها تسهم –من حيث ندري أو لا ندري- في صناعة تفاصيل أيامنا الجميلة!
إذا لم يكن الكلام أعلاه واضحا أو مفهوما، فلا عليك.. حسبك أن تعلم بأن ما يجده الإنسان من أثر القراءة الواعية شيء يحار في التعبير عنه، كما هي طبيعة الأشياء التي تبعث على فرحٍ غيرِ مستهلك أو معتاد!

**

ومما لاحظته، في حياتي ونفسي؛ أن اليوم الذي أبتدئه بالقراءة (وتحديدا، في كتاب ورقي) يترتب على نحو مريح، تماما كما يترتب بعض الطعام إذا سُبق أو لُحق بما يناسبه من أكل أو شراب، فيسوغ لمتناوله بلا مشقة ولا عسر..
هذا اليوم، في مجمله؛ لا أتخبط في تخطيطه وتنفيذ أعماله، ولا تتناولني فيه المشاعر المحبطة ولا الأفكار السلبية، ولا كثير مما يمكن أن يتنغص به يوم آخر..

**

متعة القراءة من كتاب ورقي، لا تضاهيها متع القراءة الأخرى. الورق كائن، إن لم يَسُغْ وصفه بـ (الحي) -بالنظر إلى أصله الأول-، فربما يسوغ وصفه بشبه الكائن الحي -بالنظر إلى طبيعته-..
ها أنت تقلب أوراقه، فينطبع فيها شيء منك، لونا ورائحة. ثم تعود إليه بعد حين من الزمن فيستقبلك بما أورثته إياه من اللون والرائحة، كأنما يقول لك: إنما أنا شيء منك..
وها أنت تكتب ملاحظاتك هنا وهناك، فتجد –حين تعود إليها بعد حين- أن للكلمات والحروف حمولة من التاريخ والذكريات: هذه الكلمة تدل على كتاب، ورسم هذا الحرف يدل على موقف، وهذا الحبر أو قلم الرصاص يدلان على أشكال وألوان، وهلم جرّاً..

**

اقتنيت مؤخرا (كندل) من (أمازون): جهاز مخصص لقراءة الكتب كما تعلمون؛ وفيه متعة شبيهة بالقراءة من الورق. لكنه يظل شبيها لا يغني عن الأصل، وإن كانت الخدمة التي يقدمها جليلة حقا. أرجو ألا تنسينا الأجهزة الحديثة القراءة بين حين وآخر من كتاب ورقي، فهو أحد الأشياء التي تذكرنا بطبيعتنا، تعيدنا إلى أصلنا، تُبقي على شيء من أشياء نفقدها – أو نكاد- في عصر سيولة التقنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق