الأربعاء، 27 يونيو 2018

غرد يا عماني!


مجموعة تغريداتي في الوسوم:
(#غرد_يا_عماني_عن_نزوى)
و
(#غرد_يا_عماني_عن_إبراء)
و

(#غرد_عن_ضنك)
على تويتر

(1)
حين كنت صغيرا؛ كان الذهاب إلى #نزوى أجمل مكافأة لي من والدي. ولأن المنافسة على ذلك تشتد بين الإخوة المتقاربين في العمر؛ فقد كانت تترآى لنا شيئا يشبه الأحلام التي تترك في النفس أثرا متناهي اللذة، حتى ليقول المستيقظ من حلم كهذا: متى يا رب؟!!

(2)
تربط أبي علاقة طيبة بصائغ نزواني معروف. وقد حكى لي أنه كان يدعني عنده ريثما يقضي حاجاته من السوق. لا أتذكر المشهد، ولكنني عرفت الرجل لاحقا. وما يزال –جزاه الله عني كل خير- يسأل أبي، كلما التقيا؛ عن الطفل الصغير. كان الرجل الطيب الأمين؛ يحسن إلي بـ (سن توب) أتلذذ به حتى يعود أبي.

(3)
أكثر ما حبَّبَ إليَّ #نزوى -حين كنت صغيرا- أسواقها ومطاعمها.
على عيني أسواق (الجامع) و(الصنصرة) و(التباريز)، وفي أنفي روائح سوق الخضار والسمك، ولم يزل في فمي طعم حلوى السيفي والساندويتشات التي ذقتها -لأول مرة في حياتي- في مقهى القلعة أو سوق (التباريز).

(4)
كانت #نزوى وما تزال مشوارا حبيبا إلينا –نحن أبناء القرى القريبة منها-. في مستشفاها الشهير كان مسقط رأسي، ومن مكتباتها كانت أقلامي الأولى ودفاتري المدرسية، ومن أسواقها كانت ملابس العيد، وفي بريدها تلقيت أول رسالة من مجلة (ماجد). نزوى مدينة تحبنا ونحبها.

(5)
لهجة النزوانيين جميلة وأظن أن لدى أغلبهم -إن لم يكن كلهم- استعداداً فطريا للدعابة. ما زلت أذكر ظرافة (شيَّاب) الباعة في الأسواق، و(القاف) التي تخرج من أقصى الحلق، وكلمة (بجولي) التي سمعتها فيها أول مرة وتعني (بصحبتي)، وضمة الحرف المكسور في اللهجات الأخرى.

(6)
الروح العمانية حاضرة بقوة في #نزوى. تراها في العمانيين الذين يديرون محلاتهم بأنفسهم، وفي التفاصيل الصغيرة في الشوارع والأسواق، وفي المباني التراثية، وفي مسير الناس ومجيئهم. قلت مرة: إنني أرى في نزوى #عمان كلها!

(7)
في #نزوى رأيت أول خياط عماني، وأول إسكافي عماني، وأول عاملٍ في مقهى، وأول صائغ، وأول بائع خضار، وأول بائع كتب. وهذا الأخير كان دكانُه (سَحَّارَةً) صغيرة، يجعلها أمامه في ناحية من السوق، يبيع فيها الكتب التي تطبعها وزارة التراث، وأظنه كان أعمى لا يرى.

(8)

"قول شيه مية بيسة أقوطي بارد"!

لا أنسى هذه الجملة التي حكيتها –ضاحكا، عشرات المرات- لأصدقائي فيما بعد، وأنا أمثل لهم المشهد. كنت واقفا أنتظر أبي أمام مقهى البريد. أنتظر مجيئه بفارغ الصبر، حتى أنحرف معه -قبل ركوب السيارة عائدين للقرية- إلى المقهى الشهير بمشاكيك اللحم اللذيذة. لدي مائتا بيسة، إحداهما ستكون للساندويتش والأخرى للمرطبات.

فوجئت بالمتسول الصغير (وربما يكون مختل العقل؛ لست أدري) يمد إليَّ يده، وهو يتلمظ –شبعانا- ما بقي في فمه من المشكاك الذي أتى عليه، يطلب مئة بيسة لعلبة المرطبات.

- يا سلام.. سير العب!

كأن لسان حالي كان ينطق بهذه العبارة، وأنا أصرفه بعيدا عني. كان في مثل عمري تقريبا، وكان المتسولَ الأولَ الذي أراه في حياتي. لم تكن مشاهد التسول مألوفة بعد، ولم يكن في وسعي أن أعطيه ما لديَّ. وربما دفعني للرفض المفارقة بين حاله وحالي: هو يتلمظ من شبع، وأنا يسيل لعابي من شم روائح المشاكيك في المقهى خلفي. إن أعطيته المائة فهذا يعني أن الوجبة النزوانية التي ارتبط بها اسم #نزوى في أذهاننا ستكون ناقصة. وليست تصلح #نزوى لا في ذلك الزمان ولا في غيره إلا للتمام والكمال. اللهم احفظ #نزوى وأهلها، واحفظ #عمان كلها، من مسندمها إلى ظفارها!


(9)
كانت في قريتنا امرأة عجوز، تتكلم بلهجة عجيبة جميلة، تختلف عما كنت أعهده من طرائق نطق الكلام. حين سألت أهلي، وأنا فتى صغير، عن سر اختلاف كلامها عن كلامنا وكلام أولادها أيضا؛ قيل لي إنها من #إبراء. تلك كانت المرة الأولى التي سمعت فيها بهذه المدينة العمانية.


(10)
أول ما انتبهت إليه من اختلاف لهجة أهل #إبراء، عن لهجتنا:
- تسكين أوائل بعض الكلمات التي نفتحها نحن كقولهم: ثْلاثة.
- وإبدال الياء من الجيم في بعض كلماتهم، أو كلها (لست متأكدا)؛ فينطقون الجمعة مثلا: (اليمعة).
- وقولهم: مِنْتى؟ بتاء مفخمة، ويعنون بها (متى)؟
- وقولهم مستفهمين عن الشيء: (هيش أذا)؟، أو (هو ذا)؟؛ لما نستفهم عن نحن بـ (إيش ذا) أو (مو ذا).
- وقولهم (شاوَر) يريدون بها (خارج).
- وقولهم (قَبْ)، إذا أرادوا معنى كلمة (إذن)، في حين نقول نحن (عَبْ).

(11)
كان من جديد المفردات الإنجليزية عليّ إبّان سنواتي الدراسية الأولى في #جسق؛ كلمة (#دوت). وحين زرت #ضنك أول مرة، وكانت خلال الفترة نفسها؛ فوجئت بالكلمة اسما لإحدى بلداتها. استظرفت الاسم، وكنت أقول كلما ذُكرت البلدة: (دوت كوم)!!
ومن يومها ترتبط (ضنك) لدي بـ (دوت)، وما زلت أتفكر في أصل التسمية.

خطر ببالي يومها أن الاسم إرث من أحد الإنجليز الذي مروا على هذه القرية في زمن غابر. ويخطر في بالي الآن أن أصلها ربما يكون من الفعل (دوَّى). وربما يكون لدى أهل (ضنك) و (دوت) خبر غير هذا، أصدقُ قيلا، وأحسن تأويلا..




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق