الأحد، 20 سبتمبر 2015

دورة تدريبية !

لا شك أن دورات (تنمية الذات) مهمة، لأنها يمكن أن تسهم في إحداث أثر فعال في الشخصية الإنسانية، شأنها في ذلك شأن أي مؤثر معرفي، يُبَصِّرُنا بمواضع القصور والخلل في شخصيتنا، ويدفعنا تاليا إلى خطوات مهمة في درب التغيير. إن لها فضل المفتاح علينا حين نحتاج إلى دخول بيوتنا، ثم تتوافد وتتضافر عوامل أخرى تدعم استمرار السير في هذا الدرب.

من المهم جدا هنا أن نقول: إن المقصود بهذه الدورات، هي تلك التي يقدمها مدربون محترفون في تنمية الذات البشرية، لم يكتسبوا لقب التدريب من حضور دورات تدريبية هنا وهناك، وقراءة كتب يسيرة في هذا المجال، فحسب؛ وإنما أضافوا إلى هذا تجاربهم الذاتية في تغيير أنفسهم والنهوض بذواتهم، واختبروا –بشكل أو بآخر- واقعية قوانين وتجارب وأمثلة كثيرا ما تساق في مثل هذه الدورات، حتى تكون أدعى للتصديق، وأجدر بالتجريب.

لكن الملاحظ على كثير  من القائمين على مراكز ومؤسسات التنمية البشرية، أن الفرق بين (المحاضرة) و(الدورة التدريبية) ما زال غائما في أذهانهم. هذا إذا أَحْسَنَّا فيهم الظن، وإلا فما يقومون به من الإعلان بين الحين والآخر عن دورات تدريبية ذات عنوانات براقة إنما هو تسمية للأشياء بغير مسمياتها التي تستحقها، ووضع للشيء في غير موضعه.

طالعت مؤخرا ما سمي إعلانا عن دورة تدريبية لمستشار معروف في الطب النفسي، ثم توفرت لي فرصة الالتحاق بها، فكنت سعيدا، يحدوني الأمل أن أحظى بمادة تدريبية نوعية، والاستفادة من خبرة فذة لعلم معروف.

لكنني فوجئت بأن مستوى ما يقدم دون ما توقعت بكثير، فلا الدورة تدريب، ولا مقدمها مدرب. كل ما في الأمر أنها محاضرة تُعرض عناصرها من خلال شرائح رديئة التصميم تم إعدادها على برنامج (الباوربوينت). وقد كانت تبدو لي كأنها مجترة من كتاب علمي في موضوع الدورة، فقد صيغت بطريقة تدريسية لا تدريبية!

لا أشك أبدا في قيمة المادة العلمية التي قدمها المحاضر، ولا في قدرته كمستشار، فله من البرامج في القنوات الفضائية ما يستحق الثناء ويجدر بالمتابعة. لكني أشك في أنه يدرك جيدا الفرق بين (المحاضرة) و(الدورة التدريبية)، وأشك كثيرا في أنه يدرك الفرق بين كونه محاضرا أو مقدما لبرنامج تلفزيوني أو مدرسا في الجامعة، وبين كونه مدربا لمجموعة متباينة من الناس في العمر والثقافة؛ وإلا لما قَبِلَ أن توصف الفعالية التي يقدمها بأنها (دورة تدريبية).

وهنا، يمكن أن ألخص لكم مجموعة من الملاحظات، سجلها الكاتب محمد الدويش حول هذا الخلل في الدورات التدريبية التي تعنى بتنمية الذات، ونشرها في العدد (143) من مجلة المعرفة:
-عدم وعي كثير من القائمين عليها بفلسفة التدريب.
-غياب المنهجية في التصميم التدريبي.
-غياب العناية بالتخصصص.
- السطحية في كثير من المواد المقدمة، والافتقار إلى المستند العلمي.
- ضعف إعداد كثير من المدربين.
- تبسيط بعض الأمور المعقدة واختزالها في أفكار محدودة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق