الأحد، 31 مارس 2013

أن تقرأ للأديب.. خير من أن تسمعه !!


( العنوان والكلام الوارد أدناه لا ينطبق بالضرورة على كل الأدباء،
إنما هي واقعة حال، لذا لزم التنويه )
//
لفت انتباهي الإعلان، و قررت الحضور. قلت لصاحبي: ما رأيك أن تصحبني، ثم.. قاطعني: ولكن إذا لم يعجبنا الوضع فسنخرج! قلت له: اطمئن.. المتحدثون أدباء. إنهم يتحدثون عن أديبٍ راحل لم نقرأ له من قبل، ومن الجيد أن تكون لدينا فكرة عنه من قريب. حديثُ الأدباء متعةٌ لا تمل يا أخي.. "وهل يخفى القمر" !!

كنت في الواقع أُمَنّي نفسي بمتعة سماعية، ومتعة المعرفة عن قرب لشخوص عرفتهم من قبل على صفحات الجرائد، كتابا وأدباء، منهم القاص، والروائي، والشاعر، والباحث.. كانوا "طَرَائِقَ قِدَداً"!

بدأت الأمسية، وقدم المقدم لها بكلام لطيف مختصر. صعد المتحدثون إلى المنصة، وكانوا ثلاثة. أول المتحدثين، كانت الأستاذة (فلانة) التي تعد رسالة الدكتوراة في فرع من فروع الأدب، ولها رواية في طريقها إلى النشر. بدأ الكلام سليما ومستقيما، من حيث مخارج الألفاظ وسلامة اللغة، لكن سرعان ما بدأت العواصف تهب على (النحو)، فاقتلعت أشجاره وألقت بثماره على قارعة الطريق. وبعين الخيال رأيت الخليل وسيبويه يبكيان على جنتهما ويُقَلِّبانِ كفَّيْهما حين أحيط بثمرها وأصبحت خاوية على عروشها!

ولأن صاحبي كان لديه حظ من الاطلاع على الروايات والقصص، وله زاد طيب لا بأس به من النحو؛ فقد كان يلتفت إليَّ عند كل خطأ فادح، ويقول فيما يشبه السخرية: هل هذه أديبة؟!.. قلت: له: هكذا يقولون!.. لنستمع للبقية. يبدو لي أنهما غير راضيين عن أدائها الهزيل، وربما حدَّثا نفسيهما بأن البداية لو أُعطيت لواحد منهما لكان أفضل.  

ثم بدأ المتحدث الثاني، فزاد الطين بِلَّةً، وقلت في نفسي: يا إلهي.. "أَحَشَفاً وسوءَ كَيْلَة".. فالأديبة وإن كانت تخطئ في النحو، فإنها تُحْسِنُ نطق الكلمات، ويعرف من يسمع لها أنها تتكلم بلسان الفصحى، أما صاحبنا القاص فهو -إلى جانب أنه يخطئ خطأها- فإنه يخرج الكلمات الفصيحة من مخارج اللهجة، فلا يدري السامع إن كان المتحدث عاميا أم متعلما، فضلا عن درايته بكونه أديبا له نتاجه الذي لا يخطر ببال من يطالعه أن كاتبه هو أسوأ الناس قراءةً له!

وكما فعل حين كلام الأديبة الباحثة، كان لسان حال صاحبي يقول: "ضِغْثٌ عَلى إِبّالَةٍ" ومعناه (بَليَّة على أخرى‏). قلت له: دعنا نستمع للمتحدث الأخير. إنه شاعر معروف، ويسهم في إدارة مجلة أدبية مرموقة، ولا شك أن سيلَ غيظه من أخطاء هذين قد بلغ الزُّبى..!!

حين بدأ المتحدث الثالث، عرفت أننا " كالمستجير من الرمضاء بالنار"، وسرعان ما تذكرت بيت الشاعر: "كُلُّهُمُ أرْوَغُ من ثَعْلَبٍ ** مَا أشْبَهَ الَّليْلَةَ بِالبَارِحَة"!!..

قبل أن يتكلم صاحبي، قلت له: لقد ذكرتنا هذه الأمسية بأمثال كثيرة، ويسرني بهذه المناسبة أن أشارك بهذا المثل الذي أنشأته الآن: (أن تقرأ للأديب.. خيرٌ من أن تسمعه!)، ويضرب في مثل هذه الليالي الملاح!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق