الأحد، 9 أكتوبر 2011

إن القوم يحتكرون!!


من الأمور البدهية أن أي جهة تنوي تنظيم فعالية ما، فردا كانت أو مؤسسة، فإنها ستنظر إلى البارزين من أصحاب العلاقة والخبرة بتلك الفعالية لإحكام التنظيم وضبط الأفكار وضمان حسن سير العمل. البارزون طبعا: هم الذين بَرَّزَتْ بهم أعمالهم من تنظيم لفعاليات مشابهة ومشاركات واسعة عبر سنوات متوالية جعلتهم في الأذهان، لا الذين يقولون صراحة إننا الأفضل فانظروا إلينا..

مع ذلك تعجب لغرابة تفكير بعض الناس الذين ينتمون إلى موضوع تلك الفعالية حين يخرجون ساخطين يقولون: إن القوم يحتكرون!..
يبررون سخطهم بأن الوجوه تتكرر وأنهم في الهامش من كل مشروع.. تعجب لسخطهم حين تعلم أن عطاءهم في الموضوع قليل أو غير ناضج، وأنهم لم يحدثوا أنفسهم يوما بالإمساك بزمام المبادرة، وبينما هم ينتظرون أن يساق إليهم الخبر على طبق من ذهب ليستشاروا أو ليكونوا أعضاء في لجان التنظيم أو المشاركة، ينهض الآخرون بأفكار رائدة لمشاريع عظيمة، ويسعون بأنفسهم إلى كل الجهات لتقديم أفكارهم ورؤاهم.. ومن الطبيعي جدا أنه إذا تكرر كسل الأولين وتكررت مبادرات الآخرين، فإن الوجوه ستتكرر.. وحينئذ ينتفض هؤلاء ليقولوا قولتهم المأثورة: إن القوم يحتكرون !!

ويزداد عجبك أكثر حين تعلم أنهم يملكون الإمكانات المادية، وحين تسمع حديثهم عن أنفسهم بأنهم أصحاب الفكر المتجدد وأن لديهم من الإمكانات الفنية ما يساوي أو يزيد على ما يملكه الآخرون، ثم لا ترى منهم حركة جادة لتحريك ساكن المشهد الذي ينتمون إليه.. فتتذكر حينها قول الحكيم: (إن العاصفة تستطيع أن تقتلع مدينة لكنها لا تستطيع أن تحل عقدة خيط)!!

فهل يوجد عاقل في الدنيا يعتقد أن فلانا من الناس (مثلا) يحتكر الكلام لأنه (أي الأول) أبكم أو لا يجيد فن الكلام أو يدمن الصمت منكبّاً على نفسه؟ وهل في الدنيا عاقل يقول إن فلانا يحتكر السفر لأنه (أي الأول) لايفكر في السفر مطلقا؟.. مع ملاحظة أن (فلانا) المتهم بالاحتكار يتكلم بفمه ولا يستعير أي لسان، ويدفع تكاليف سفره من ماله الخاص !!

ثمة أسئلة كثيرة ينبغي أن يطرحها هؤلاء على أنفسهم عوض اتهام الآخرين جزافا بتهم جاهزة معلبة كهذه: هل أنت صاحب معرفة حقيقية أو مشروع جاد؟ هل منعت من التفكير والابتكار والمبادرة إلى مشاريع مماثلة؟ أليس من حق صاحب أي مشروع ان يختار من يشاء: مشرفا عليه أو عضوا منظما فيه أو عضو مشاركا؟..

نصيحتي لهؤلاء إن كانوا أصحاب مشاريع جادة أن يمسكوا بزمام المبادرة، و أن يتفاعلوا مع كل الأجيال القديمة والحديثة لأخذ خبرات مجتمعة، و أن يرسموا صورة اخرى مغايرة لمشهدهم، و أن يحددوا أهدافهم بوضوح حتى لا يحسبون أنفسهم على شيء بينما هم واقعون في عبث فارغ، وقديما قال الحكيم: (إذا لم تكن تعرف أين تذهب، فكل الطرق تؤدي إلى الهدف)!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق