الاثنين، 11 أبريل 2011

الحكمة البالغة!

أحداث الاعتصامات والإضرابات ، وحتى أعمال التعطيل والتخريب، التي شهدتها السلطنة مؤخرا هي درس جامع مفيد لكل العمانيين على مختلف مستوياتهم الاجتماعية والاقتصادية والمعرفية والسياسية..
إنه درس مهم للشعب وللحكومة، وعلى الجميع أن يأخذ منه الحكمة البالغة التي تجعل النتيجة دائما لصالح عمان الوطن..
وليست الحكمة البالغة أن يقتصر النظر على فك الاعتصامات وتلبية المطالب، ثم رجوع المعتصمين إلى بيوتهم واستئناف المضربين لأعمالهم ومحاكمة المخربين وإيقاع العقوبات بهم بحسب ماتنص عليه القوانين النافذة في السلطنة  ..
ليست الحكمة البالغة في قصر النظر على هذه الأشياء فقط ، رغم أنها مطلوبة وحسنة ، بل هي في إعادة النظر من جديد في الأسباب التي أدت إلى هذه الأحداث بشكل موضوعي يكفل للمواطن حق التعبير المسؤول عن رأيه دون تعطيل أو تخريب، ويكفل للحكومة معالجة المشكلات بتأنٍ وحكمة، ويجعل عمان نقية طاهرة من الفاسدين المفسدين الذين يمارسون غيهم بأشكال تبدو للوهلة الأولى على طرفي نقيض ولكنها في النهاية إلى سبيل واحد ، فالمواطن (الفاسد) بدعوى حرية التعبير هو نفسه الوزير (الفاسد) بدعوى خدمة مصالح البلد ونفع الناس..
وفسادهما  لم يخرج إلى الدنيا دفعة واحدة ، وإنما كانت له خيوط تشعبت بمرور الأيام وتضخمت، فأصبحت ظلمات بعضها فوق بعض! .. وبالتالي فإن اجتثاثها وتجفيف منابعها يحتاج إلى مزيد نظر وتأمل ليس من القيادة السياسية فقط ، بل من خبراء التربية والتعليم والقيادات الدينية والاجتماعية، والمسؤولين عن التنمية الاجتماعية والإعلام والثقافة..
من هنا تبدو وجاهة المطالب التي تدعو إلى إعادة النظر في المناهج التي تقدم لأبنائنا وإخواننا في المدارس، وإعادة تركيب وإنتاج الخطاب الإعلامي والثقافي بحيث ينطلق أولا من قيم المجتمع العربية والإسلامية وتقاليده الأصيلة الحميدة ، ومن القيم الإنسانية الفاضلة التي ترقى بإنسانية الإنسان ، ثم يبحث عن الأشكال الجديدة التي تتواءم مع العصر ليفرغ فيها مضامينه الفكرية الجديدة..
وارتباطا بما سبق وتفصيلا لعمومه، أود التأكيد خصوصا على أهمية إعادة منهج التربية الإسلامية كما كان عليه سابقا و ما كانت تبعثه مناهج المواد الأخرى من خلق كريم وإحساس بالانتماء إلى هذه الأرض الطيبة، وإعادة تشكيل المنتج السياحي العماني بما يتوافق مع عاداتنا وتقاليدنا، وإعادة الاعتبار لهيبة الكبار في مؤسسات التعليم والأسرة والعمل، وليس غريبا أن ،ضيف السبلة العمانية في هذا السياق باعتبارها علامة على كثير مما أشرت إليه في هذه الفقرة!
هذه المطالب أولوية وليست هامشية، وعلى الجميع أن يتعاون من أجل الوفاء بما تقتضيه المرحلة القادمة .. الأب والأم في البيت، والمعلم في المدرسة، والمدير في مكتبه، والموظف في وظيفته، وهكذا .. كل في مجاله وبحسب مستواه حتى تتكامل هذه الجهود بما يجعل بلدنا الحبيب (عمان) أجمل وأفضل وأكمل، والله المستعان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق