الاثنين، 7 مارس 2011

ماذا لو أنه .. ؟!

القذافي – بحسب ما أعلن مؤخرا – تقدر ثروته بحوالي 131 مليار دولار، و جاره حسني مبارك تقدر ثروته بحوالي 70 مليارا، و من قبلهما زين العابدين بن علي قدرت ثروته بحوالي مليار ونصف ..

كنت أتساءل:

لو أن واحدا من هؤلاء قرر التنحي عند سماعه أول صرخة دوَّت :
(( الشعب .. يريد .. إسقاط النظام ))
أما كان يعصم نفسه من سخط الناس ورغبتهم أن يصير إلى مزبلة التاريخ ؟
أما كان سيظل عظيما ، مقدرا ، يذكره الناس باعتباره رمزا تاريخيا ، ويسكتون إما حياءً وإما إكراما له عن ثروته الهائلة التي نهبها ظلما وعدوانا ، ويغضون الطرف عن مساوئه، لأن تنحيه كان فضيلة عظمى تمحو ما اقترفه من سيئات ..
ومن البدهي أيضا ( وهذا هو المطلوب أصلا ) أنه سيعصم أرواحا أن تزهق ، و دماء أن تسيل ، ومصالح بلده أن تتأثر أو تنهار ..
لكنهم أبوا واستكبروا ، فحقت عليهم لعنة الله والناس أجمعين ، وإنه قول الله جل وعلا يتحقق فيهم: ( إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ) ..

كان القذافي يقول مستنكرا لمن خرج متظاهرا وطالب بتنحيه : (معمر القذافي مجد و لا يمكن أن تفرط فيه ليبيا  ولا الدول العربية أو الإسلامية أو الإفريقية أو  أمريكا اللاتينية)
كان يمكن للقذافي أن يصير رمزا تاريخيا خالدا كما أراد ، و مجدا مؤثلا كما يطلب أن يكون في أعين الناس لو أنه قرر التنحي بمجرد سماعه الجملة التي دوّت في أرجاء ليبيا – بعد أن أصبحت علامة مسجلة للمظاهرات الشعبية – لكنه رفض ، وأعطى ذلك الصوت أذنا صماء ، وقال إنه سيكون صخرة صلبة في مواجهتها ..

حسنا..

صخرة القذافي الآن تتفتت شيئا فشيئا، و كل محاولاته وعروضه تبوء بالفشل، وليس يغني عنه شيئا قوله : إن الشعب كله يحبني وهو مستعد للموت من أجلي !!! ..
وهو صائرٌ – كما قرر الشعب الليبي العظيم – إلى مزبلة التاريخ، كما هو مصير أخويه من قبل زين العابدين بن علي و حسني مبارك لأنهم جميعا لم يحسنوا الإمساك باللحظة الفارقة .. أعماهم عنها الغرور والكبر – وربما البطانة الفاسدة أيضا - !

هذه اللحظة الفارقة تحتاج إلى حكمة بالغة، لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم من المعرفة الكاملة بطبيعة شعبه والظروف الدولية المحيطة، واليقظة التامة للبطانة التي قد تزين له السيء وتخفي عنه القبيح فلا تريه إلا جنة وحريرا ، وقبل هذا وبعده الحنكة السياسية والثقافة العامة التي تجعله – في عين الشعب - قيمة مضافة لا عبئا ثقيلا زائدا عن الحاجة يرجى الخلاص منه!
وأحسن من ذي الحظ العظيم الذي ذكرناه، حاكم يصنع اللحظة الفارقة عوض أن ينتظر الإمساك بها، وهو الذي سيظل على الدوام محل قناعة الشعب بأنه الجدير بالحكم، تذكره بالخير صباح مساء، وتشكر الله على نعمة اسمها هو.

إن الشعوب لا تريد الحاكم الجبان الذي يستمد شجاعته من بطش أتباعه ثم ينكشف في اللحظة الأخيرة عن لص جبان يفر خائفا يترقب دولة تمنحه اللجوء السياسي.
و لا تريد حاكما يضرب بمصالح الدولة والأمة يمينا وشمالا من أجل مصالحه الشخصية، فيقنع بمن ثبت فساده وزيرا وخفيرا لأنه سيسكت عن كثير و لا بأس عليه –بعدها- إن زنا و إن سرق ، فيما يأنف من الشرفاء الأكفاء الذين لا يخافون في الحق لومة لائم.

تلك هي سيرة الشعوب الحرة ، و لا يغرن حاكما صمتها الطويل ، فإنها إن أعلنت أنه الكلام وإنها الثورة ، فستقول حتى تبذ الناطقين ، وستقوم فلا تقعد حتى يستوي العدل على كرسي الحكم ، وويل حينها للظالمين ، والله المستعان !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق