الأربعاء، 21 مارس 2018

مسندم .. إلى أين؟!




تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي عندنا في عمان، قبل أيام، إعلانا لشركة (الفطيم) الإماراتية، المشغلة لمشروع (مول عمان)، استخدمت فيه خريطة للسلطنة تختفي منها محافظة مسندم بالكامل، وتظهر ضمن خارطة دولة الإمارات العربية المتحدة!
يأتي هذا الخطأ الفادح، بعد خطأ آخر مصدره دولة الإمارات أيضا، حيث عُرِضت في متحف اللوفر أبو ظبي خريطة للسلطنة بالصورة ذاتها.
واليوم؛ طالعت إعلانا لشركة في الإمارات تدعى (شامبيون كلينرز) وفيه تظهر خريطة السلطنة –مرة أخرى- بالكيفية المشار إليها أعلاه.
طالعته أولا عبر صفحة الإعلامي في إذاعة الوصال، الأستاذ عادل الكاسبي، الذي ذكر في رده على أحد المعلقين بأنه نقل الإعلان -كما هو- من صفحة الشركة على (إنستاجرام). وقد تأكد لي هذا حين زرت صفحة الشركة على (فيس بوك)، فوجدت الإعلان ذاته، منشورا بتاريخ 15 مارس 2018م.
يظهر في هذا الإعلان الأخير أثر متعمد من الأحداث السياسية الحالية، كما ظهر من قبل عند خارطة متحف اللوفر؛ فبجانب ضم (مسندم) إلى الإمارات، تختفي (قطر) أيضا ويختفي علمها، رغم أن الإعلان ينص على أن الخدمة متوفرة في جميع دول الخليج! وفي هذه الجزئية تحديدا؛ فإن إعلان الشركة يتبنى أحد أمرين: إما أن دولة (قطر) ليست ضمن دول الخليج، أو أنها لم تعد (دولة) بل صارت ضمن إحدى الدول المذكورة!!
الاحتمال الثاني يتفق مع تسريب جاء به حساب (بدون ظل) في تويتر، يُعَرِّفُ نفسه على أنه ضابط أمن إماراتي، وقد اكتسبت تسريباته مصداقية –إلى حد كبير- فقد تأكد على أرض الواقع بعض ما سربه حول خطط تدور في الغرف المغلقة.
وفحوى ما ذكره في هذا الجانب؛ أن ثمة اتفاقا لم يعلن عنه بين الإمارات والسعودية، يقضي باستيلاء الأولى على عمان وقطر، فيما يكون نصيب الثانية الكويت والبحرين، ثم يُصار بعد هذا إلى إلغاء منظومة دول مجلس التعاون..
لا يمكن القطع –بالطبع- بصحة هذا الخبر؛ ولكن الحذر واجب، لا سيما إذا أيدته قرائن كثيرة، تظهر كالشمس في رائعة النهار، والشمس –كما يقال- لا تغطى بغربال!
وعودا على بدء؛ فإنني لست متأكدا إن كان المسؤولون في الجهات المذكورة سلفا، قد اعتذروا عن هذه الأخطاء الفادحة، ولا يهمني هذا الآن –كثيرا-؛ بل المهم أن يكون للجهات الحكومية في السلطنة موقف واضح حازم مع هذه الجهات –لا سيما وأنها تعمل في السوق العمانية-، ومع القيادات في دولة الإمارات الشقيقة، فهذا الخطأ الذي يتكرر بالتفاصيل نفسها تماما مدعاة للريبة حقا، وليس تكفي –فيما أحسب- الاعتذارات اللاحقة، فاللبن المسكوب لا يمكن إرجاعه إلى الجرة، والمعرفة لا تستقى اليوم من مصادرها الأصيلة بل من صاحب الصوت الأقوى..
يضاف إلى هذه الإعلانات مقطع الفيديو المجتزأ من فيلم وثائقي عن الشيخ زايد الأول، والذي كان مثار جدل في أوساط المدونين العمانيين؛ حيث الأخطاء التاريخية، وتصوير بعض رموز التاريخ العماني على أنهم في مقام التابع لشيوخ الساحل، وهو ما لم يكن، وأحسب أنه لن يكون في المستقبل ما عرف العمانيون تاريخهم وفهموا مقتضياته وواصلوا مسيرته المشرقة.
هذه المنشورات والمصورات، التي تساق –في الظاهر- لأغراض تجارية أو سياحية أو ثقافية، ويبدو أن لها أهدافا خفية في الباطن؛ تأتي في وقت تحاصر فيه (قطر) وهي دولة جارة عضو في مجلس التعاون الخليجي، وتُخْنق فيه اليمن وهي دولة جارة عربية مسلمة، وتنتشر فيه أخبار من هنا وهناك –الله أعلم بصحتها- عن تدخلات في شؤون دول إقليمية كبرى عربية ومسلمة وغيرها؛ الأمر الذي يفرض على صناع القرار السياسي والأمني والثقافي والإعلامي في السلطنة أن يأخذوا أقصى درجات الحيطة والحذر والانتباه. ومن ذلك (مثلا) أن يعاد النظر في مفاهيم الجيرة الحسنة التي اقتضت –ربما- التغاضي والتساهل في بعض الأمور، وأن يُدْفَعَ باتجاه حديث علني حول هذا الأمر وغيره مما يرتبط به، يشارك فيه العمانيون جميعا بمختلف أطيافهم، لا أن يقتصر على الجهات المسؤولة فقط، مع كونها محل ثقة واجبة التقدير؛ فحين يجد الجد سيطلب من كل فرد عماني أن يتقدم للدفاع عن مصالح الوطن، وتلك ساعة يحسب العقلاء لها ألف حساب، والله المستعان!

هناك تعليق واحد: