الأحد، 26 مارس 2017

طالع الأول !

تذاكر المغردون والمدونون قبل أيام الاحتفال بمناسبة جليلة القدر هي (يوم المعلم). وكنت كلما آن أوان هذه المناسبة –في مرات سابقة- شاركت بدعاء لكل من علمني من أساتذة ومشائخ وأناس عاديين صغار وكبار في المدرسة وفي المسجد وفي غيرهما. وحين كان احتفال هذا العام تذكرت معلمين هما أول من علمني، وسلكا بي طريقا صالحا في العلم، فكان أن شاركت بهذه التدوينة التي أحب أن أشارككم بها هنا.
***
كان الواجب المنزلي على جميع تلاميذ الصف أن يكتب كل واحد منهم اسمه عددا من المرات. كان ذلك في الصف الأول الابتدائي، وكان هو التلميذ الذي يخطئ (قليلا) في كتابة اسمه. اطلع أبوه المتعلم حتى الصف السادس الابتدائي على دفتر الواجب، وتبين له الخطأ الذي أشار له الأستاذ في كتابة الاسم. قال أبوه لأمه، وهو يهم بالخروج من البيت لبعض شأنه: أخبريه، وهو يعيد كتابة الواجب؛ أن يضع للسين ثلاث أسنان بدلا من اثنتين. حرصت أمه على إبلاغه ملاحظة أبيه، وربما كررتها عليه غير مرة لحظةَ إقباله على كتابة الواجب.

حدث هذا، رغم أنها لا تعرف في ذلك الوقت رسم (السين) ولا أخواتها، وربما لا تعرف الصلة التي أنشأتها المدرسة بين اسمه وهذا الرسم الذي يتعين عليه إتقانه!

كانت تجلس إلى جانبه، تقلب الكتب الجديدة التي تسلمها من المدرسة. ما الذي كان يغريها بفعل كهذا؟ هل هي صورة من صور حنان الأم تجاه صغيرها الذي يبدو أنه يواجه صعوبة ما وأنه يحتاج إلى مساعدة؟ أم هو التفاعل مع جديد لم يحدث من قبل، فهذا الصغير بِكرها وهو أول أولادها الداخلين إلى المدرسة؟ أم تراها الرغبة في اكتشاف عالم آخر غير عالمها اليومي الروتيني تتقصى معالمه في رسومات وصُوَرٍ مبثوثة في الكتاب؟ أم أنها كانت تربي الصغير ليكبر محبا للعلم وما يتعلق به؟ أم كان استشرافا مبكرا لما سيتحقق لها بعد نحو 20 سنة تقريبا حين تفتح فرص لمحو الأمية!..


كل هذا وارد ومحتمل، ولكن اليقين أن الولد استطاع ومعه أبوه وأمه أن ينجح، وأن يقبل ذات يوم على أبويه اللذين علماه ما لم يكن يعلم جذلانَ فرحا، لا تكاد الأرض تلامس خطاه، يقول بلهجته الدارجة: "أوماه.. أنا طالع الأول"!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق