الاثنين، 21 نوفمبر 2016

الاحتفال بالحقيقة الوطنية ..

نعيش هذه الأيام أجواء الاحتفال بيوم وطني عظيم. يوم كان له ما بعده. اليوم الذي ولد فيه قائد النهضة العمانية الحديثة، حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم –حفظه الله ورعاه-، فأصبح –بما قدمه للوطن والمواطن- رمزا وطنيا تاريخيا مخلصا، ستذكره الأجيال العمانية المتعاقبة على الدوام، كما تذكر القادة العمانيين العظام الذين سَجَّلهم تاريخُ هذا البلد العظيم، وتاريخ المنطقة عموما. ومن هذه الرمزية تنبثق فكرة الاحتفال بالعيد الوطني في كل عام.

لكن هذه الفكرة، ما تزال عند البعض منا فكرة مشوبة غير رشيدة ولا ناضجة. إنها فكرة مستلبة في اتجاه (الشكل)، فيما يغيب –أو يكاد- (المعنى) الكامن فيها، كثيرا من الأحيان. وفي (الشكل) أشكال مختلفات توحي بعدم استقرار المعنى، فمنها ما ينحو منحى العرس الاجتماعي، ومنها ما يشبه فعالية رياضية، ومنها المطبوع بطابع مدرسي صرف، وآخر أقرب إلى أن يكون تسويقا تجاريا أو اجتماعيا، وهكذا!

وهنا لست أدعو إلى تفريغ الفكرة من شكلها الفرحي، كلا، بل أدعو -من جهة- إلى إعادة توجيه هذه الأشكال بما يجعلها أكثر رشدا، وأبلغ أثرا، وأرجى نفعا؛ ومن جهة أخرى، إلى إعادة الاعتبار إلى (الجوهر) الذي يكاد يغيب، حتى تستقيم في أذهاننا الحقيقة الوطنية الكاملة.

لقد قاد عاهل البلاد المفدى –حفظه الله ورعاه- ثورة حقيقية في اتجاه النهضة الشاملة، حتى أصبحت الدولة عصرية، وواصلت حضورها التاريخي الفاعل. ولقد صَدَّقَتْ أفعالُه كلماتِه التي قالها في مستهل حكمه: "أيها الشعب.. سأعمل بأسرع ما يمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشون سُعَدَاء لمستقبل أفضل، وعلى كل واحد منكم المساعدة في هذا الواجب. كان وطننا في الماضي ذا شهرة وقوة وإن عملنا باتحاد وتعاون فسنعيد ماضينا مرة أخرى وسيكون لنا المحل المرموق في العالم العربي".

وبالعودة إلى رمزية جلالته، فإن المعنى الأصيل في هذا اليوم الوطني المجيد هو التغيير باتجاه الأفضل، والإحساس العالي بالمسؤولية الوطنية والتاريخية، والاستمرار في البناء، وتعزيز الروح الخلاقة المبدعة، ودعم ثقافة السلام بما يجعلها قيمة استراتيجية في الداخل والخارج؛ وبالعموم مواجهة التحديات صغيرها وكبيرة حتى تظل سفينة الوطن خفاقة الشراع، متينة الجسد والروح.

وكمثال صغير، أقول: ماذا لو أعلنت اللجنة الحكومية المشرفة على احتفالات البلاد بالأعياد الوطنية في كل دورة للعيد الوطني عن تدشين مشروع علمي أو ثقافي، أو تعزيز سلوك إيجابي؛ وأعلنت تسمية ذلك العام باسم هذا المشروع، موعزةً للمؤسسات الحكومية والأهلية بالتفاعل معه، بحسب مجال عمل كل جهة. أسوق هذا كمقترح، وإلا فإن الأفكار والمقترحات ملقاة على قارعة الطريق –كما يقال-.

ومهما يكن من أمر، فإن في كل دورة لهذا اليوم الوطني فرصة لتوحيد الدعاء لوطننا الحبيب عمان بأن يديم الله عليها الأمن والازدهار، ولقائدنا المفدى بأن يحفظه المولى ويرعاه ويبارك في عمره، وللشعب العماني الكريم بأن يدوم تآلفه وتقوى في الخير صلاته. اللهم آمين.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق