الثلاثاء، 12 نوفمبر 2019

اللغة العربية مغلوبة في بلادها

قال لي ولدي ذو السنوات التسع: نحن في (فنجا) ولسنا في مدينة أمريكية!
قالها، وقد أخبرته أن محلا جديدا كبيرا سيفتح قريبا منا. وأكثر الظن أنه قالها وقد سمع استيائي من تسمية المحل (إكسبرس لاين هايبر ماركت)، واستيائي غير مرة من تفضيل التسميات الأجنبية للمحلات، مع أن في العربية بمستوييها (الفصيح والدارج) سَعَةً لتسميات جاذبة غير مستهلكة..

يا للأسف!
تبدو الألفاظ الأجنبية مغرية لكثير من أصحاب الأعمال. قبل أيام كنت في (صحم) فرأيت مقهى أو مطعما يسمي نفسه (فايف منت برجر). وفي (عِزّ- منح) يجري التحضير لمقهى لا أذكر تسميته، ولكنها تبدو فرنسية أو إيطالية. وفي الخوض؛ دخلت مرة مطعم (فوديس) فقلت لمن كان معي: لقد أعجبتني خدمة هذا المطعم، ولكن أشعر بالضيق من مسماه الأعجمي. وفي (فنجا) أمر، بشكل شبه يومي، على طريق، تغزو اللغة الإنجليزية عددا لا بأس به من لافتات المحلات فيه، وثمة أرى من التسميات (جست فريش)، و(فيش باسكت)، و(بلاك ستريت)، وغيرها من الكلمات التي استبدلها أصحاب المحلات بالكلمات العربية التي كانت الجهات الحكومية المسؤولة في بلادنا تصر عليها..

ولا تسل عن كلمتي (ماركت) و(مول) و(كافيه) التي أصبحت لها عربية الأمر الواقع، فمن ينكرهما اليوم فكأنه قد أنكر معلوما من العربية بالضرورة..

كنا نفتخر بأن الجهات ذات العلاقة في بلادنا تتصرف بمسؤولية عالية تجاه هويتنا وثقافتنا، يوم أن دفعت باتجاه تسمية المحلات التجارية بالمفردات العربية، أما اليوم فثمة واقع مؤسف..
أصبحت اللافتات أعجمية بكاملها، ولم تستخدم العربية فيها إلا وسيطا لقراءة هذه المفردات.. لا، بل لقد أصبحت بعض لافتات المحلات بدون كلمة عربية في المسمى!!

انتبه د.مصطفى محمود في بعض ما كتبه إلى أن هذا نوع من الاستعمار اللغوي والغزو الثقافي الذي يراد منه (بالتراكم) إبعاد المجتمعات العربية الإسلامية عن هويتها وتاريخها وتراثها.

وإذا كان من وراء هذا عمالة وافدة أجنبية؛ فإن ما أشار إليه د.مصطفى محمود سيكون بلا شك أحد الأسباب التي قد تخطر على البال مباشرة، لكن العجيب فيما لو كان أصحاب هذه المحلات عمانيين (أبناء البلد) يتهافتون على هذه التسميات الأعجمية كما تتهافت الأكلة على قصعتها، "وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا".

إن على التاجر مسؤولية ثقافية أيضا. ليس التاجر الأمين هو الذين يعامل الناس بالصدق في تجارته فحسب، ولكنه الأمين أيضا على ثقافتهم (هذا على افتراض أن التاجر يعي مدلولات هذه التسميات، وقيمة التسميات التي تنتمي للمجتمع)..

اللهم لا تؤاخذنا بما فعل البعض منا في عربيتهم وهويتهم.. اللهم توشك أن تكون #اللغة_العربية_مغلوبة_في_بلادها.. اللهم فانتصر!








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق