الثلاثاء، 3 يوليو 2018

حَسَنِيَّاتٌ متشاعرة | (2) | وحين مدَّت يدي بالحب ساقيةً..


كان أخونا أبو يعرب يسكن قريبا من البيت الذي كنت أبنيه في السيح الأحمر، وقد كان مبادرا إلى الخير، يساهم بأفكاره النيرة –إلى جانب بعض الجيران- في ترتيب الفعاليات الثقافية، وكان –بارك الله فيه- حلو المعشر لطيف السمت، طيب الذكر (عموما) في ربوع الحي، يَبَشُّ حين اللقاء ويكرم أضيافه غاية الإكرام..

لطالما حدثتني النفس أحاديث السرور بهذا الجار الطيب اللطيف الودود، لكنه فاجأنا حين اقترب موعد انتقالنا إلى بيتنا الجديد بنيته في الانتقال إلى مسقط –لبعض الشؤون والظروف-، فخلَّف ذلك الخبر في النفس من الأسفِ الشيءَ الكثير..

ولكن ما الحيلة؟
تقلب الظروف الإنسان من مكان إلى مكان ومن حال إلى حال، ولا يدري أي أماكنه وظروفه أحسن مستقرا وأطيب مقاما..
ومهما يكن من أمر؛ فإن أخانا الحبيب أبا يعرب ما زال يحن إلى مكانه الأول، ويأتي إليه بين حين وآخر، وعسى أن نشهد عما قريب عودته مقيما لابثا فيه كما هو وعده حين انتقل..

هذا، وقد تكشف لي فيه منذ أيام خلت عن شاعر رقيق لطيف، حين أكرمني مرةً بزيارته، وأسمعني شيئا من جميل أشعاره، فزاد هذا من أسفي على جيرة شاعرية كنت سأحظى بها، ولكن العزاء في أنه يبعث إلينا بشيء من كتاباته بين حين وآخر في مجموعة الحي على (الواتساب)، ولندفعنه إلى التكفير عن انتقاله بالأبيات العبقريات والقصائد العصماوات..

في مجموعة (واتساب) الحي؛ أرسل أبو يعرب في صباح يوم بديع مخمسا بيت امرئ القيس (أيا جارتا إنا غريبان ها هنا/ وكل غريب للغريب نسيبُ)، يقول:

أعيشُ بدارٍ شأنُـها ليس شأنَــنا
ففي (مسقطٍ).. لا وُدَّ ألقى ولا هَنا
ونفسي أُسَلِّيـها.. إذا الطيرُ دندنا
أيا جارتا إنا غريبانِ ها هنا
وكل غريب للغريب نسيبُ

فتذكرت بيتا أظنه لأبي مسلم البهلاني، زارنا بعض أصحابنا يوما، ولم يجدنا في البيت، فتركه لنا على ورقة ملاحظة على الباب: (جئناكم فوجدنا الدار خاليةً/ لا أوحش الله ربعا أنتم فيهِ)..

وجدت في البيت ما يشبه الرد على ما قاله، فقلت، والشعر يحييه الشعر:

أبقيتَ في (السيْـحِ) يا ذا الوُدِّ باقيةً
قطوفُــــها لم تَزَلْ بالخيرِ دانيةً
وحين مَدَّتْ يدي بالحُبِّ ساقيـــةً
جئناكم فوجدنا الدار خاليـةً
لا أوحش الله ربعا أنتم فيهِ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق