الاثنين، 11 فبراير 2013

صنع في سلطنة عمان.. !!



فاجأني الرجل، وربما فاجأ كثيرين غيري. لم أكن أتصور أن يكون بمثل تلك التلقائية. الصورةُ النمطيةُ في أذهانِنا عن كثير من المسؤولين ممن هم في منزلته أو أعلى منها، أنهم يأتون بالكلمة فيُخْفون عَشْراً وراءها، ويُجيبون كما لو أن الكلام معهم سلعةٌ لا تؤدى إلا بقدر الثمن المدفوع. وما تزال هذه الصورة النمطية -التي تشكلت في أذهاننا عبر السنين- تسيطر على أي تصور نضعه في خيالنا عمن نجهله من المسؤولين البارزين.

خطر ببالي بعد الجلسة الحوارية الجميلة ليلة أمس، أن هذا الرجل تنطبق عليه جملة (صُنع في سلطنة عمان) بامتياز. لقد شعرت منذ وصولي إلى القاعة أنه رجل منا، من أهل بيتنا. شرب من هذه الأرض التي نشأنا فيها، وعاش تحت سمائها. حتى أن بعض الحاضرين أشار إلى قريب من هذه الفكرة، حين قال عن الرجل في معرض ثنائه على الجهود الوطنية المخلصة للهيئة العامة لحماية المستهلك: "إنه ليس بغريب على د.سعيد الكعبي، وقد شرب من مياه (محضة)!!".. لماذا يراودنا أحيانا شعور صارم بأن بعض المسؤولين البارزين من طينة أخرى، بل ويتطرف لدينا هذا الشعور أحيانا فيُرينا المسؤولَ كائنا من عالم آخر!!

كانت الكراسي في مجلس الإثنين في النادي الثقافي ممتلئة عن آخرها، -ربما– على غير العادة. خطر ببالي أن في كلمة (المستهلك) عنصرا مهما من عناصر جذب الناس إلى هذا اللقاء. لأن المستهلك هو (أنا).. المواطن البسيط، وهذا الرجل رئيس الهيئة التي تحميني!.. دقق في كلمتي (أنا) و (تحميني)، تجد فيهما ما يؤسس لشعور عام بانتماء المواطنين كلهم إلى هذه المؤسسة، لا سيما بعد الفتوحات الأخيرة في كشف تلاعبات التجار الصغار والكبار في السوق، وبعد تصريحات رئيس الهيئة التي هزت الستار المضروب على التداخل الفج بين الوزارة والتجارة، وهو ما سيعزز على الأيام الشعورَ المذكور. بينما قد يغيب أحيانا شعور المواطن بالانتماء إزاء مؤسسات حكومية أخرى تقف على مجموعة واسعة ومهمة من الخدمات، ولكن تقصيرها –بقصد أو بجهل- فيما يناط بها من أدوار، يسهم في خلق فجوة عميقة بينها وبين المواطن، فتدور في بال المسكين الخواطر والمشاعر المذكورة أعلاه عن المسؤولين الذين يقودون زمامها.

كان الناس ينتظرون ما سيقوله الرجل بشغف، وكان ما قاله مطمئنا للجميع بأن الأمور تسير إلى تمام، وأن الهيئة تتطلع إلى دور أكبر في الأيام القادمة. لذا أرجو ألا تفاجئنا الأيام بغير ظننا الحسن في الرجل والهيئة فقد كان مما صرح به أنه سيستقيل إن ثبت أن أحدا ممن يعمل معه اشتريت ذمته وخان الأمانة، وأرجو ألا نسمع فجأة عن إقالة الرجل من منصبه أو إحالته إلى المستشارية خلال فترة وجيزة من مسؤوليته هذه بفعل تدخل التجار النافذين وأصحاب المصلحة، كما حصل -مرة- مع وزير سابق يظن فيه الإخلاص والأمانة؛ وجد نفسه في مواجهة مع بعضٍ ممن يجمعون بين السلطة والمال، فكان مصيره أن أزيح من وزارته.

**

الحمد لله أولا وأخيرا، والشكر لجلالة السلطان –حفظه الله- الذي وضع هذا الرجل في مكانه المناسب، والتحية الخالصة العطرة لسعادة الدكتور سعيد الكعبي رئيس الهيئة العامة لحماية المستهلك على جهوده الكريمة ومن معه من طاقم الهيئة، ثم تحية لكل مسؤول بارز يسعى مخلصا وأمينا لبناء هذا الوطن ورفعة شأنه، ويرى أنه ما جُعل في هذه المسؤولية إلا من باب التكليف لا التشريف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق